مقدميته ، لان وجه بطلان الدور تقدم الشيء على نفسه ، وهذا الوجه موجود هنا بعينه ، فان ترك الضد بمقتضى المقدمية مقدم طبعا على فعل ضده ، وكذلك فعل الضد بمقتضى شأنيته للعلية يجب ان يكون مقدما على ترك ضده ، فترك الضد مقدم على فعل ضده الذى هو مقدم على ذلك الترك ، فيجب ان يكون ترك الضد مقدما على نفسه ، وكذلك فعل الضد.
ومما ذكرنا يظهر عدم الفرق بين الرفع والدفع ، لان البرهان الذي ذكرناه على عدم التوقف يجرى فيهما على نهج واحد.
وانت اذا تاملت فيما ذكرنا لم تجد بدا من القول بعدم التوقف ، فلا نطيل المقام بذكر ما اوردوه في بيان المقدمية والمناقشة فيه.
انما المهم التعرض للمسألة التي فرّعوها على مقدمية ترك الضد وعدمها ، اعنى بطلان فعل الضد لو كان عباديا وقد وجب ضده على الاول (١) وصحته على الثاني.
فنقول : اما بناء على كون ترك الضد مقدمة فلا اشكال في بطلان العمل بناء على بطلان اجتماع الامر والنهى ، بل قد يقال بالبطلان حتى على القول بامكان الاجتماع ، لان محل النزاع في مسألة جواز اجتماع الامر والنهي فيما اذا كان هناك عنوانان يتفق تحققهما في وجود واحد ، وليس المقام من هذا القبيل ،
__________________
(١) يمكن ان يقال بمنع ترتب هذه الثمرة ، بمعنى انا وان اخترنا اقتضاء الامر بالشيء للنهى عن الضد يمكن ان نقول بصحة العبادة المذكورة ، فان الطلب الغيرى امرا كان او نهيا لا يوجب موافقته قربا ولا مخالفته بعدا ، فلو كان في متعلق النهى الغيرى جهة حسن لم يمنع النهى المذكور عن مقربيته وعباديته.
فان قلت : مخالفة النهى الغيرى وان لم توجب بعدا من حيث نفسها ولكنها توجبه من حيث ادائها الى مخالفة الطلب النفسي ، والذي يوجب البعد لا يمكن ان يكون مقربا.
قلت : وان كان وجوده مفضيا الى وجود المبغوض النفسى ، لكن البعد من آثار وجود الثاني ، والذي ينافى المقربيّة كون الشيء مبعدا بنفسه وبلا واسطة «منه».