في حال الشك كذلك يجب عليه ان يفصّل هنا بين ان يكون الترخيص في بعض الاطراف شرعيا ، فيرتفع العلم الاجمالي بثبوت التكليف ، او عقليا ، فيبقى العلم بحاله ، كما انه لا بد له من هذا التفصيل في مسألة دليل الانسداد ، بان يقول : ان كان الحرج اللازم على تقدير الاحتياط عقليا ، كما اذا لزم من الاحتياط اختلال النظام ، فلا ينافي بقاء الاحكام الواقعية ، وان كان شرعيا ، فالترخيص الشرعي ينافي بقاء العلم الاجمالي ، فلا يكون اتيان المظنونات واجبا عقلا ، اللهم إلّا ان يدعى العلم الاجمالي في خصوص المظنونات.
الثالثة : لو كان احد الاطراف خارجا عن محل الابتلاء قبل تحقق العلم الاجمالى او خرج عنه مقارنا معه فلا يكون العلم الاجمالى منجزا ، لعدم كونه علما بالتكليف الفعلى (١) والخروج عن محل الابتلاء إمّا بان يكون غير مقدور للمكلف ، وإمّا بان يكون بحيث يرغب عنه الناس عادة ويكون دواعيهم مصروفة عنه نوعا ، والميزان استهجان العقلاء للخطاب المتعلق به ، والخروج من محل الابتلاء بعد تحقق العلم الاجمالي حاله حال الاضطرار الطارى ، وقد سبق ان الأصل فيه لزوم الاحتياط ولا اشكال في شيء مما ذكرنا.
__________________
(١) فان قلت بعد كون معيار الاشتغال ـ على ما قويته سابقا ـ هو العلم بالجعل الشرعي ولو لم يقترن بالعلم بالشرط العقلي لا محيص عن القول بالاشتغال في المقام لكونه من مصاديقه في الشك في القدرة ، وقد اختار «قدسسره» الاشتغال في الشبهة المفهومية في الخروج عن محل الابتلاء مستندا الى هذا الوجه ، ولا يعلم بين المقامين فرق.
قلت : يمكن اختيار البراءة في كلا المقامين ، بدعوى عدم صحة اصل الجعل الشرعي مع الخروج عن محل الابتلاء ، ولو مشروطا باتفاق دخوله في محل الابتلاء ، فكما لا يصح الخطاب الى الجماد مشروطا بصيرورته انسانا فكذلك بالنسبة الى الخارج عن محل الابتلاء لا يصح الخطاب ولو مشروطا بصيرورته داخلا ، فما ذكر من تقريب الاشتغال مبنى على جعل معيار الخروج استهجان الخطاب المطلق لا المشروط ، واما بناء على جعل المعيار استهجان الخطاب ولو مشروطا فلا علم باصل الجعل ايضا مع الخروج السابق او المقارن. (م. ع. مدّ ظلّه).