المقصد الثاني
في مقدمة الواجب
اعلم ان الواجب في الاصطلاح عبارة عن الفعل المتعلق للارادة الحتمية المانعة عن النقيض ، فلا يشمل ترك الحرام ، وان كان ينتزع من مبغوضية الفعل وعدم الرضا به كون تركه متعلقا للارادة الحتمية المانعة عن النقيض ، إلّا انه لا يسمى واجبا في الاصطلاح ، فلو اقتصر في العنوان المبحوث عنه هنا بمقدمة الواجب كما فعله الاصوليون فاللازم جعل الحرام عنوانا مستقلا يتكلم فيه ، فالاولى جعل عنوان البحث هكذا «هل الارادات الحتمية للمريد سواء كانت متعلقة بالفعل ابتداء او بالترك من جهة مبغوضية الفعل (*٢٢) تقتضى ارادة ما يحتاج ذلك المراد اليه ام لا» حتى يشمل مقدمة الفعل الواجب والترك الواجب.
ثم على القول بالاقتضاء يحكم بوجوب جميع مقدمات الفعل الواجب من المعد والمقتضى والشرط وعدم المانع ومقدمات المقدمات واما الترك الواجب فلا يجب بوجوبه الا ترك احدى مقدمات وجود الفعل ، والسر في ذلك ان الفعل في طرف الوجود يحتاج الى جميع المقدمات ولا يوجد إلّا بايجاد تمامها ، ولكن الترك يتحقق بتحقق ترك إحداها فلا يحتاج الى تروك متعددة حتى يجب تلك التروك بوجوب ذلك الترك.
ومن هنا ظهر انه ان لم يبق الا مقدمة مقدورة واحدة اما بوجود الباقي واما بخروجه عن حيز القدرة فحرمة ذلك الفعل تقتضى حرمة تلك المقدمة المقدور عليها عينا ، كما هو الشأن في كل تكليف تخييرى امتنع اطرافه الا واحدا ، فانه