الامر لم يكن لتحصيل غرض في المأمور به.
وان كان نظره الى الوجه الاخير فنقول : لو علم بان غرض المولى لا يحصل باتيان متعلق الامر المعلوم يحكم العقل باتيان ما هو موجب لحصول غرضه (١) واما اذا لم يعلم ذلك واحتمل انطباق غرضه على ما علم وجوبه كما فيما نحن فيه فلا يحكم العقل بوجوب شيء زائد على ما علم وجوبه ، فان امتثال هذا الامر المعلوم واجب ، ولا يعلم ببقاء غرض للمولى بعد اتيان الفعل المفروض.
ويمكن ان يستدل على البراءة بوجه آخر : وهو ان يقال : ان الاقل معلوم الوجوب بالوجوب النفسى ، لان المركب باللحاظ الاول الذي يجعله الحاكم موضوعا للحكم ملحوظ بلحاظ واحد وموجود في الذهن بوجود واحد ولا جزء له بهذه الملاحظة ، انما يعتبر الجزئية بملاحظة ثانوية ، وهي ملاحظة كل جزء منه مستقلا ، فالجزء إن لوحظ مستقلا فهى مقدمة للكل ، وان لوحظ طريقا الى
__________________
الثانوي ، فالمدعى كون الامر الجدي مصححا للعقوبة في مورد وجود الداعي اليها ولو كان هو فوت الغرض في الفعل ولو بالعنوان الثانوي الناشئ من الامر كعنوان الاطاعة ، فاذا كان هذا الامر مصححا دلّ على كونه تمام الموضوع ، اذ لا يعقل دخل ما هو مترتب على عنوان الاطاعة في حصولها. (م. ع. مدّ ظلّه).
(١) في العبارة قصور ، والاولى ان يقال : الغرض الذي ليس المولى في مقام استيفائه من العبد فالعلم به غير مؤثر في الامتثال قطعا ، واما الذي صار بصدد استيفائه فتارة يجعل محصّله على عهدة العبد ، كما لو علم بانه تعلق غرضه باسهال الصفراء كذلك فلا محيص حينئذ عن الامتثال ولزوم الاحتياط عند الشك في المحصل ، لكن ليس هذا من موضوعية الغرض للامتثال ، بل لكشفه عن الطلب الباطني ، فالموضوع في الحقيقة هو ذلك الطلب ، لا الغرض الصرف ، واخرى يتكفل نفس المولى لشخص المحصل ، ويجعل على عهدة العبد الحركة على طبق امره بذلك المحصل الذي شخصه نفسه ، وحينئذ فليس على العبد الا الحركة على طبق الامر بمقدار حجيته العقلية ، فلو شك في بقاء غرضه مع ذلك فليس من جهة تقصير منه ، بل جهته قصور حجية الامر ، فلو أمره في المثال بشرب السكنجبين وعلم ان غرضه اسهال الصفراء وشك في حصوله بجرعة واحدة او جرعتين فليس عليه ازيد من جرعة واحدة. (م. ع. مدّ ظلّه).