الاستصحاب والميسور اللتان يتمسك بهما في المسألة الآتية لا تجريان في حقه ، ضرورة توقفهما على الثبوت في الزمان السابق ، اللهم إلّا ان يكتفى في تحقق قاعدة الميسور بتحقق مقتضى الثبوت.
ولو كان العجز طاريا عليه في واقعة واحدة فالحق وجوب الاتيان بالمقدور عقلا ، لانه يعلم بتوجه التكليف اليه (١) فان لم يأت بالمقدور لزم المخالفة القطعية.
فالمقصود بالبحث هنا صورة طرو العجز في واقعة اخرى ولم يكن للدليل الدال على المركب او المقيد اطلاق ، وكذلك لم يكن للدليل الدال على الجزئية او القيدية اطلاق.
اذا عرفت هذا فنقول : لا اشكال في ان مقتضى الاصل الاولى البراءة (٢) ، للشك في ثبوت اصل التكليف ، لكن هنا امور تقدم على قاعدة البراءة :
منها استصحاب بقاء التكليف على المقدور ، إما من جهة المسامحة في المستصحب ، بمعنى ان التكليف المتعلق بالمقدور في الزمن السابق وان كان
__________________
واحد ، ففي الصورة الاولى اذا حصل العجز عن القيد نقول بان المتفاهم عرفا من حديث الرفع بقاء وجوب اصل الشيء ، وفي الصورة الثانية لا يتفاهم ذلك عرفا ، وهو الوجه في عدم التفاهم فيما ذكرته من المثال ، اذ لم يتعلق الامر اوّلا بمسح الراس ثم بانشاء آخر بكونه رأس نفسه. (م. ع. مدّ ظلّه).
(١) فهذا نظير ما لو علم في اثناء اليوم مثلا بتوجه الامر باكرام زيد من اول الصبح توصليا ولكنه يحتمل صدور الاكرام منه فيما مضى من اليوم مع غفلته عن الامر ، فهو في حالته الفعلية غير عالم بالتكليف الفعلي ، لكنه غير مستريح عقلا ، فليس المعيار في الاشتغال العلم بالتكليف مع تحقق شرائط الفعلية في زمان واحد ، بل يكفى العلم به في زمان ، مع تحقق الشرائط في الزمان المتأخر عن المعلوم المقارن مع العلم. (م. ع. مدّ ظلّه).
(٢) مقتضى ما قدمناه في العجز الابتدائي كون الاصل الاولى هنا ايضا الاشتغال لا البراءة ، فقد تلخص من جميع ما ذكرنا في المواقع الثلاثة ان حكم العقل في جميعها هو الاشتغال ، غاية الامر ان له في صورة العجز الطارئ في واقعة واحدة تقريبين ، على سبيل منع الخلو ، وفي الصورتين الاخريين تقريبا واحدا. (م. ع. مدّ ظلّه).