فالاولى في الدوران بين التخصيص والتقييد ملاحظة الخصوصيات الموجودة في المقام ان كانت.
ومنها : انه لو دار الامر بين النسخ والتخصيص فالثاني مقدم ، نظرا الى قلة الاول وشيوع الثاني حتى اشتهر انه ما من عام إلّا وقد خص.
اقول : ندرة الاول وشيوع الثاني ان كانا مرتكزين في ذهن العرف بحيث يصيران كالقرائن المكتنفة بالكلام فهو ، وإلّا فمجرد الظن لا ينفع ولا دليل على اتباعه.
نعم يمكن ان يقال في الخصوصيات الواردة في كلام الائمة بالنسبة الى عمومات الكتاب او السنة النبوية يتعين التخصيص ، لان النسخ وان أمكن وقوعه عقلا ، بان كان الناسخ مودعا عندهم عليهمالسلام ، لكن وقوعه ولو نادرا غير محقق ، مضافا الى ما ورد عنهم عليهمالسلام من ان حلال محمد صلىاللهعليهوآله حلال الى يوم القيامة ، وكذا حرامه عليهالسلام (١) الظاهر في ان جنس الحكم المودع عنه صلىاللهعليهوآله لا يتغير ولا يتبدل اصلا ، كما لا يخفى ، مضافا الى ارتكاز هذا المعنى في ذهن المسلمين.
فان قلت : كيف يحمل على التخصيص؟ مع حضور وقت العمل بتلك العمومات ، وهل هو الا تاخير البيان عن وقت الحاجة القبيح عقلا؟!
قلت : قبح ذلك نظير قبح الكذب يمكن ان يرفع بالوجوه والاعتبار ، فقد تقتضى المصلحة اخفاء القرينة على الحكم الواقعي ، كما انه قد تقتضى عدم بيانه وايكال الناس الى العمل بحكم الشك ، وبعبارة اخرى : تأخير البيان عن وقت العمل ليس علة تامة للقبح كالظلم حتى لا يمكن تخلفه عنه ، واذا لم يكن كذلك فقبحه فعلا منوط بعدم جهة محسّنة تقتضى ذلك.
الرابع : تعيين النص والاظهر فيما لو كان التعارض بين المتعارضين لا
__________________
(١) اصول الكافي ، باب البدع والرأى والمقاييس ، الحديث ١٩ ج ١ ، ص ٥٨.