فههنا فردان من الشك : احدهما الشك في الجزء ، والآخر الشك في الكل ، والاول داخل في الشك في الشيء بعد تجاوز محله ، والثاني داخل في الشك فى الشيء ، قبل تجاوز محله ، وبالاعتبار الثاني يجب الاعتناء به دون الاول.
والجواب ان الظاهر من الشك في الشيء هو ان يكون الشك متعلقا به ابتداء لا ان يكون مشكوكا بواسطة امر آخر ، وما شك فيه ابتداء هو الجزء ، وان كان يصدق نسبة الشك الى الكل ، من جهة استلزام الاول للثاني.
وان ابيت فنقول : لزوم الاعتناء بالشك اذا كان قبل الخروج المستفاد من الاخبار ليس حكما تعبديا حتى يقع التعارض في مدلول الاخبار ، بل انما هو على طبق القاعدة العقلية المقتضية لوجوب اتيان كل ما شك فيه مما اعتبر في المأمور به ، غاية الامر خروج ما شك فيه بعد انقضاء المحل ، واما المشكوك فيه قبل انقضاء محله فلزوم الاتيان به من باب القاعدة الاولية ، وحينئذ نقول : الشك المفروض من حيث انه شك في الجزء لو شمله الدليل الدال على عدم لزوم الاعتناء به فليس في البين ما يعارضه ، لان الشك في الكل وان كان شكا في الشيء قبل انقضاء محله ، لكن عرفت ان الحكم بالاعادة فيه من باب قاعدة الاشتغال ، وبعد ما حكم الشارع بالغاء الجزء المشكوك فيه ـ كما هو مفاد اجراء الدليل في الشك في الجزء ـ لا يبقى محل لحكم العقل كما هو ظاهر.
المقام السابع : لا اشكال في ان المراد بالشك الوارد في الاخبار هو الشك الحادث بعد التجاوز لا الاعم منه ومن الباقي من اول الامر ، فلو شك من حين الدخول في الصلاة في كونه متطهرا فلا يجوز له الدخول فيها ، بملاحظة ان هذا الشك يصير بعد انقضاء العمل شكا في الشيء بعد تجاوز المحل ، وهذا واضح.
وهذا الشك الحادث بعد العمل على اقسام احدها ان يكون المكلف غافلا عن صورة العمل بمعنى انه لا يعلم الآن هل حرك خاتمه حين غسل اليد ام لا وهذا على قسمين : احدهما انه يعلم انه على تقدير عدم تحريكه الخاتم كان هذا مستندا الى السهو ، والثاني انه يعلم انه على هذا التقدير كان مستنده العمد ،