كانت سببا لقبول الاسلام شرعا مع قطع النظر عن مدلولها ، هذا ، وهذا الاستدلال وان كان حسنا لكن لا يحتاج اليه بعد كون المعنى الذي ذكرنا متبادرا قطعيا من القضية.
وهنا اشكال آخر معروف ، وهو ان الخبر المقدر للفظة «لا» النافية للجنس ، اما موجود ، واما ممكن ، وعلى اى حال لا يدل الاستثناء على التوحيد الذي هو عبارة عن الاعتقاد بوجود البارى ونفى امكان الشريك له «عزّ شأنه» فانه ، على الاول الاستثناء يدل على حصر وجود الآلهة في البارى جل وعلا ، ولا يدل على نفى امكان الشريك له جل شأنه ، وعلى الثاني يدل على اثبات الامكان لوجوده تعالى شانه ، لا على وجوده تعالى ، ولا يدفع هذا الاشكال جعل «لا» تامة غير محتاجة الى الخبر ، فانه على هذا ايضا تدل القضية على نفى الآلهة واثبات البارى جل اسمه ، ولا تدل على عدم امكان غيره.
ويمكن ان يجاب بان المراد بالاله المنفى هو خالق تمام الموجودات وبعد نفى هذا المعنى مطلقا واثباته في الذات المقدسة يلزم ان يكون كل موجود سواه جل جلاله مخلوقا له ، ولا يمكن مع كونه مخلوقا ان يكون خالقا ، فحصر وجود الإله في البارى جل وعلا يدل بالالتزام البين على عدم امكان غيره تعالى ، فافهم.
بقى هنا شيء ، وهو ان الدلالة التى اشرنا اليها هل هي داخلة في المنطوق او المفهوم ، وهذا وان كان خاليا عن الفائدة اذ ليسا بعنوانهما موردا لحكم من الاحكام إلّا انه لا باس بذكر ذلك.
فنقول : قولنا اكرم العلماء الا زيدا يشتمل على عقد ايجابي وسلبى ، ودلالة العقد الايجابي بعد خروج زيد على وجوب اكرام باقي العلماء دلالة المنطوق ، ودلالة العقد السلبى على اثبات نقيض ذلك الحكم في المستثنى دلالة المفهوم ، اذ هى لازمة لخروج المستثنى عن تحت الحكم المتعلق بالمستثنى منه ، كما ان دلالته على حصر مورد وجوب الاكرام في الباقي وحصر مورد نقيضه في المستثنى ايضا داخلة في المفهوم ، فان ذلك كله لازم المعنى المستفاد من أداة الاستثناء