يكون الاستثناء من الاثبات نفيا ومن النفى اثباتا ، وذلك للانسباق والتبادر القطعي.
ونسب الخلاف الى ابي حنيفة (١) ولعله يدعى ان الاستثناء لا يدل إلّا على ان المستثنى لا يكون مشمولا للحكم المنشأ في القضية ، واما ثبوت نقيضه له في الواقع فلا ، ويقرّب هذا المدعى القول بان الاسناد انما يكون بعد الاخراج ، اذ على هذا حاله حال التقييد ، وقد عرفت أنّ التقييد لا يدل إلّا على تضيق دائرة الموضوع في القضية ، وكيف كان يدل على خلاف ما ذهب اليه التبادر القطعى.
واحتج على مذهبه بقوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بطهور» (٢) اذ لو كان الاستثناء من النفى اثباتا للزم كفاية الطهور في صدق الصلاة وان كانت فاقدة لباقى الشرائط ، وفيه او لا ان الملحوظ في القضية هو المركب المشتمل على تمام ما اعتبر فيه سوى الطهور ونفيت حقيقة الصلاة او هي بقيد التمام عنه الا في مورد تحقق الطهور ، وثانيا على فرض التجوز في مثل التركيب المزبور لا يضرنا بعد شهادة الوجدان القطعي على ما ادعينا.
ومما استدل به على ما ذكرنا من المعنى قبول رسول الله صلىاللهعليهوآله اسلام من قال كلمة لا إله إلّا الله ، اذ لو لم يدل الاستثناء من النفي على الاثبات في المستثنى لما كانت هذه الكلمة بمدلولها دالة على الاعتراف بوجود البارى عزّ شأنه ، والقول بان هذه الدلالة في كل مورد كانت مستندة الى قرينة خاصة بعيد غاية البعد ، بل المقطوع خلافه ، كالقطع بخلاف ان هذه الكلمة
__________________
(١) لا يخفى ان هنا مقامين : احدهما ان كلمة الا هل تدل على الاخراج واثبات نقيض حكم المستثنى منه للمستثنى او لا؟ والثاني بعد تسليم دلالتها على الاخراج هل تدل على الحصر حتى يكون منشأ لاخذ المفهوم بالنسبة الى غير المستثنى من سائر الافراد او لا؟ وابو حنيفة انما خالف في المقام الاول ، فعده من المخالفين في استفادة الحصر لا وجه له «منه».
(٢) الوسائل ، الباب ١ من ابواب الوضوء ، الحديث ١ ج ١ ، ص ٢٥٦.