فان قلت : ما الفرق بين هذه الاخبار وما دلّ على حجيّة خبر الثقة؟ فكما قلتم ان تلك الاخبار غير ناظرة الى حال المعارضة فكذا هذه ، وبعبارة اخرى : مفاد هذه الاخبار تقرير الارتكاز ، ومن الواضح عدم وفاء الارتكاز في صورة المعارضة بحكم.
قلت : الفرق بين المقامين أن الحجية في ذلك المقام تعلقت بطبيعة الخبر باعتبار الوجود السّاري اللازم منه تعلّق الحجية التعيينية بكل فرد من الخبر ، ومن المعلوم عدم تمشيها في كلّ من المتعارضين ولا في احدهما ، لانه ترجيح بلا مرجّح. واما هنا فالحجية متعلقة بطبيعة العالم باعتبار صرف الوجود الممكن التمشي في حال المعارضة : وجه الفرق ان كلّ فرد من الخبر غير كاف الا لمسألة واحدة ، دون غيرها من المسائل ، واما هنا فكل فرد من العالم كاف من اوّل الفقه الى آخره.
نعم غاية ما يلزم من هذا البيان امكان الاطلاق ، واما اثباته فلا ، فلأحد ان يقول : ليس مفاد الاخبار الا مفاد الارتكاز ، ولكن لنا اثبات الاطلاق ايضا ، بدعوى ان من المستبعد جدا اهمالهم عليهمالسلام لحال هذه المعارضات ، مع كثرتها وكثرة ابتلاء العوام بها ، خصوصا في عصر الغيبة ، وبهذا البيان تقدر على اثبات الاطلاق بالنسبة الى صورة التفاضل ايضا ، نظرا الى كثرة وقوعه بين علماء العصر في كلّ عصر ، غاية الامر تقييده بواسطة ذيل المقبولة بصورة العلم بالاختلاف ، فيبقى الباقي تحت الاطلاق.
وهل التخيير بدوي او استمراريّ؟ الظاهر الاوّل ، فانا متى اخذنا باحدى الفتويين لا يبقى في الزمان الثاني بالنسبة الى هذه الفتوى اخذ آخر حتى يقع موردا للتخيير ، بل المتحقّق بقاء الاخذ ، واما بالنسبة الى فتوى الفقيه الآخر فالاخذ وان كان يتحقق ولكنه خارج عن مفاد الدليل ، لان مفاده على ما عرفت ، اما التخيير بين احداث الاخذ بهذا او احداثه بذاك وإما الاخذ بصرف الوجود المفروض تحققه بالاخذ بالفتوى الاولى ، فلا يمكن تحققه ثانيا في