من موارد الشكوك البدوية ، ومن هذا الباب حكمهم بلزوم الاحتياط في باب الاعراض والدماء والاموال ، ومن هنا ظهر عدم الاحتياج الى دعوى الاجماع الثاني ، فانه بعد انعقاد الاجماع على عدم جواز الرجوع الى البراءة في التكاليف المجهولة يستكشف اهتمام الشارع بالواقعيات ، وبعد هذا الاستكشاف يحكم العقل بلزوم مراعاته بقدر الامكان.
والحاصل ان القطع بجعل الطريق من قبل الشارع بواسطة مقدمات الانسداد مما لا وجه له بعد وجود الطريق العقلائى للامتثال الذي يحكم العقل بوجوب الاخذ به في مقام الاطاعة ، وليس هذا من الاحكام العقلية التي يستكشف منها الحكم الشرعي من باب الملازمة ، لان الحكم في باب الاطاعة والعصيان ليس من وظيفة المولى ، ولو صدر من قبله حكم في هذا الباب يحمل على الارشاد ، هذا.
الامر الرابع : هل المقدمات تنتج اعتبار الظن على نحو الاطلاق ، او على نحو التقييد بظن خاص ، او تنتج اعتباره على نحو الاهمال؟ ثم الاطلاق والتقييد قد يعتبران بالنسبة الى الاسباب ، وقد يعتبر ان بالنسبة الى مراتب الظن ، وقد يعتبران بالنسبة الى الموارد.
وتحقيق المقام ان يقال : انه لا وجه للالتزام باهمال النتيجة بحيث تبقى الحجة مرددة بين ابعاض الظنون ، او بينها وساير الطرق الأخر ، بيان ذلك انا لو بنينا على حكومة العقل ، فلا يخلو إمّا ان نقول بحرمة المخالفة في المقدار المعلوم بالاجمال إلّا بمقدار العسر والحرج ، وإمّا ان نقول ان الحرج اوجب سقوط الموافقة القطعية وقام الموافقة الظنية في المقدار المعلوم بالاجمال مقام الموافقة العلمية ، فعلى الاول لا يجوز ترك الاحتياط الا في مقدار يكون حرجا على المكلف ، فان ارتفع الحرج بترك الاحتياط في موارد الاطمينان على عدم التكليف يجب الاقتصار عليه ، وإلّا يتعدى في ترك الاحتياط الى باقي الظنون النافية للتكليف وهكذا وعلى الثاني يجب الرجوع الى الظنون الاطمينانية المثبتة