الاستعمال أن يتعقل معنى ويجعل اللفظ حاكيا ومرآة له ، وهذا لا يتحقق إلا بالاثنينية والتعدد.
لا يقال : يكفي التعدد الاعتباري ، بأن يقال : ان لفظ زيد مثلا من حيث إنه لفظ صدر من المتكلّم دالّ ، ومن حيث إن شخصه ونفسه مراد مدلول. لأنا نقول هذا النحو من الاعتبار يطرأ بعد الاستعمال ، فلو أردنا تصحيح الاستعمال بهذا النحو من التعدد يلزم الدور (١) ، لكن (*١٣) يمكن مع ذلك القول بصحة قولنا «زيد لفظ ، أو ثلاثي» (*١٤) مع كون الموضوع في القضية شخص اللفظ الموجود ، بأن يكون المتكلّم بلفظ زيد بصدد ايجاد الموضوع لا بصدد الحكاية عن الموضوع حتى يلزم اتحاد الدالّ والمدلول ، فيخرج حينئذ من باب استعمال اللفظ.
فتحصّل أن زيدا في قولنا : زيد لفظ ، أو ثلاثي ، يمكن أن يراد منه نوعه فيكون هناك لفظ ومعنى ، وأن يقصد المتكلّم ايجاد الموضوع فلا يكون من باب استعمال اللفظ ، هذا في المحمولات التي يمكن أن تحمل على الشخص المذكور في القضية ، وأما في المحمولات التي لا تعمّ هذا الشخص كقولنا «ضرب فعل ماض» فلا يمكن إلا أن يكون من باب الاستعمال.
[في ان الالفاظ موضوعة لذوات المعاني او للمعاني المرادة]
ومنها : هل الألفاظ موضوعة بازاء المعاني من حيث هي ، أو بازائها من حيث انها مرادة للافظها؟
قد اسلفنا سابقا انه لا يتعقل ابتداء جعل علقة بين اللفظ والمعنى ، وما يتعقل في المقام بناء الواضع والتزامه بأنه متى أراد المعنى الخاص وتعلّق غرضه
__________________
(١) وفيه ان الموضوع في القضية لا بد وان يتصور وتصور زيد قبل الوجود لا يكفى في الحكم عليه بملاحظة الفراغ من الوجود «منه»