ملاحظة ما ذكرنا في المقام تكفى المتامل.
حجة من ذهب الى ان المشتق موضوع للاعم من المتلبس ومن انقضى عنه المبدأ امور مذكورة في الكتب المفصلة ، والجواب عنها يظهر لك بادنى تامل.
ومن جملتها : استدلال الامام عليهالسلام بقوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) على عدم لياقة من عبد الصنم لمنصب الامامة ، تعريضا بمن تصدى لها بعد عبادته الاوثان مدة (١) ومن المعلوم ان صحة الاستدلال المذكور تتوقف على كون المشتق موضوعا للاعم ، اذ الظاهر ان حال الاطلاق متحد مع حال عدم نيل العهد ، فلو لم يكن حقيقة فيما يصح اطلاقه حال الانقضاء لما صح التمسك بالآية لعدم قابلية الجماعة المعهودين الذين تصدوا الامامة.
والجواب : أن الظلم على قسمين : قسم له دوام واستمرار مثل الكفر والشرك ، وقسم ليس له إلّا وجود آنى ، من قبيل الضرب والقتل وامثال ذلك ، وهو بمقتضى الاطلاق بكلا قسميه موضوع للقضية ، والحكم المرتب على ذلك الموضوع امر له استمرار ، اذ لا معنى لعدم نيل الخلافة في الآن العقلى ، فاذا جعل الموضوع الذي ليس له إلّا وجود آنى موضوعا لامر مستمر يعلم ان الموضوع لذلك الامر ليس إلّا نفس ذلك الوجود الآني ، وليس لبقائه دخل اذ لا بقاء له بمقتضى الفرض ، فمقتضى الآية ـ والله أعلم ـ أن من تصدى للظلم في زمن غير قابل لمنصب الامامة وان انقضى عنه الظلم ، ولا يتفاوت في حمل الآية الشريفة على المعنى الذي ذكرنا بين ان نقول بان المشتق حقيقة في الاخص او في الاعم ، اذ الحكم المذكور في القضية ليس قابلا لان يترتب الا على من انقضى عنه المبدأ ، فاختلاف المبنى في المشتق لا يوجب اختلاف معنى الآية ، فلا يصير احتجاج الامام عليهالسلام بها دليلا لاحدى الطائفتين (٢) كما لا يخفى.
__________________
(١) اصول الكافي : باب طبقات الانبياء والرسل ، ج ١ ، ص ٧٥.
(٢) لا يقال : بل يصير دليلا للقائل بالاعم ، لعدم تمامية الاحتجاج على القول الآخر ،