بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد في المتعلق ، بل يكتفون بوجود المصلحة في التكليف ، فكيف يحمل الخطابات المنزلة على فهم العرف على هذا المعنى الدقيق الذي لا يعرفه إلّا البعض بمقتضى البرهان العقلي.
ويمكن ان يقال على فرض شمولها للمفاسد الذاتية لا تدل على دعوى الخصم ، لانها تدل على حرمة القاء النفس في الهلكة الواقعية ، ولا دلالة لها على حكم حال الشك.
وفيه ان الظاهر ان القاء النفس في التهلكة اعم من الاقدام على الهلكة اليقينية والمحتملة عرفا ، ولا اقل من شمولها لموارد الظن بالتهلكة ، وان كان غير معتبر ، فيلحق به الشك لعدم القول بالفصل ، فالاولى في الجواب ما ذكرنا.
واما الاخبار فهي على اصناف :
احدها : ما دل على حرمة القول بغير علم ؛ وقد مر الجواب عنه.
الثاني : ما دل على وجوب التوقف عند الشبهة ، وهذا الصنف مختص بالشبهة التحريمية بقرينة التوقف الذي يكون عبارة عن عدم المضى والحركة الى جانب الفعل.
والثالث : الاخبار الدالة على وجوب الاحتياط ، وهى اعم موردا من السابق ، لانها تشمل الشبهة التحريمية والوجوبية.
اما ما دل منها على التوقف فهو اكثر من ان يحصى ، وتقريب الاستدلال به ان الظاهر من هذه الاخبار الكثيرة ان عدم التوقف والحركة الى ناحية الفعل المحتمل حرمته موجب للاقتحام في الهلكة ، والظاهر من الهلكة العقاب الاخروى ، فمحصل هذه الاخبار ان الاقدام على فعل ما احتمل حرمته موجب لثبوت العقاب على تقدير كون الفعل المأتى به محرما في الواقع.
لا يقال : ان الاوامر المتعلقة بالتوقف لا يمكن ان تكون بيانا لثبوت العقاب ، لانها انما جاءت من جهة الهلكة كما هو مقتضى التعليل في الاخبار ، والحكم الذي جاء من جهة الهلكة لا يعقل ان يكون منشأ لثبوتها ، للزوم الدور ،