اخرى لو بقيت المحبوبية التى هي ملاك الصحة في العبادة في المثال يلزم كون الشيء الواحد خارجا وجهة محبوبا ومبغوضا وهو مستحيل ، هذا حال العبادات.
واما غيرها فلا ينافي النهي فيها مع الصحة مطلقا لوضوح امكان ان تكون الطبيعة مشتملة على غرض من اغراض الآمر مطلقا ، فيحصل ذلك الغرض في الفرد المبغوض ولا نعنى بالصحة الا ذلك ، هذا في غير العقود والايقاعات ، واما فيهما فالنهى يدل على الصحة اذا تعلق بهما بلحاظ الآثار ، اذ لو لا ذلك لزم التكليف بالمحال كما هو واضح ، نعم لو تعلق بنفس الاسباب مع قطع النظر عن ترتب المسببات فليس النهى دليلا على الصحة ، ولكنه لا ينافيها ايضا ، لوضوح امكان ترتب الآثار المتوقعة من تلك الاسباب على ما يكون مبغوضا منها ، نعم قد يستفاد من بعض النواهى ان ورودها ارشاد الى فساد متعلقها ، وهذا لوجود قرائن في المقام ، ولولاه لزم حمله على ما هو ظاهر فيه من التحريم الغير المنافى للصحة بل موجب لها في بعض المقامات كما عرفت. هذا
وقد يقال : ان مقتضى القواعد وان كان كذلك إلّا ان في الاخبار ما يدل على ان التحريم ملازم للفساد شرعا (١) مثل ما رواه في الكافي والفقيه عن زرارة عن الباقر عليهالسلام سأله عن مملوك تزوج بغير اذن سيده «فقال ذاك الى سيده ، ان شاء اجازه وان شاء فرق بينهما» قلت : اصلحك الله تعالى ان حكم بن عيينة (عتيبة) وابراهيم النخعى واصحابهما يقولون : ان اصل النكاح فاسد ولا تحلّ اجازة السيد له ، فقال ابو جعفر عليهالسلام : «انه لم يعص الله ، وانما عصى سيّده فاذا اجازه فهو له جائز» (٢) حيث انه يدل على انه لو كان النكاح
__________________
(١) وقد ادعى سيدنا الاستاذ «طاب ثراه» اتفاق العلماء ايضا على ان كل معاملة ورد النهى عنها بعنوانها فهى فاسدة ، ولعل منشأ هذا الاجماع مثل هذه الاخبار ، مع امكان ان يقال بمنافاة النهى للرضاء بوقوع الاثر بناء على مدخليّة رضا الشارع في ترتب المسبب «منه».
(٢) وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ٥٢٣ ، الباب ٢٤ من ابواب نكاح العبيد والاماء ،