المبحث الثاني ، في الظن
والكلام فيه يقع في طى امور :
الأوّل : هل يمكن التعبد بالامارات الغير العلمية عقلا او لا؟
والنزاع في هذا الامر بين المشهور وابن قبة «قدسسرهم» ومورد كلامهم وان كان الخبر الواحد ، إلّا ان ادلة الطرفين تشهد بعموم محل النزاع.
اذا عرفت هذا فنقول : ان الامكان يطلق على معان : احدها الامكان الذاتي والمراد به ما لا ينافي الوجود والعدم بحسب الذات ، ويقابله الامتناع بهذا المعنى كاجتماع النقيضين والضدين ، والثاني الامكان الوقوعى ، والمراد به ما لا يلزم من فرض وجوده محذور عقلى ، ويقابله الامتناع بهذا المعنى ، والثالث الاحتمال ، كما هو احد الوجوه في قاعدة الامكان في باب الحيض.
لا اشكال في عدم كونه بالمعنى الاول موردا للنزاع ، اذ لا يتوهم احد من العقلاء ان التعبد بالظن يأبى عن الوجود بالذات ، كاجتماع النقيضين ، كما ان النزاع ليس فيه بالمعنى الثالث ، اذ الترديد والشك في تحقق شيء حاصل لبعض وغير حاصل للآخر ، وهذا ليس امرا قابلا للنزاع ، فانحصر الامر في الثاني.
ثم لا يخفى ان المراد من المحذور العقلى الذي فرض عدم لزومه في الامكان الوقوعى انما هو الموانع العقلية لا عدم المقتضي ، وان كان يلزم من فرض وجود الشيء مع عدم المقتضى محذور عقلى ايضا ، لامتناع تحقق الشيء من دون علة ، لانه لو كان المراد اعم من المقتضى وعدم المانع لكان العلم بالامكان في شيء