القضية المستفادة من قولنا «زيد قائم» مسببة من وضع آخر غير وضع المفردات ، وهو الوضع النوعى لهذه الهيئة ، فهو صحيح فيما لم يشتمل المفردات على وضع تتم به القضية ، كالقضايا الخبرية في لسان العرب ، فان وضع زيد ووضع قائم مادة وهيئة لا يفى بافادة نسبة تامة يصح السكوت عليها ، واما في مثل القضية الانشائية كاضرب زيدا فلا وجه للالتزام بذلك (١) فليتدبر.
[علامات الحقيقة والمجاز]
ومنها : ذكروا لتشخيص الحقيقة عن المجاز امارات كالتبادر وعدم صحة السلب ، واستشكل في علاميتهما بالدور ، وأجابوا عنه بالاجمال والتفصيل ، ولا بحث لنا في ذلك ، انما الكلام في أنهم ذكروا في جملتها الاطراد قال شيخنا الاستاذ في الكفاية ، ولعله بملاحظة نوع العلائق المذكورة في المجازات ، حيث لا يطرد صحة استعمال اللفظ معها ، وإلّا فبملاحظة خصوص ما يصح معه الاستعمال فالمجاز مطرد كالحقيقة ، وزيادة قيد من غير تاويل او على وجه الحقيقة وان كان موجبا لاختصاص الاطراد كذلك بالحقيقة إلّا انه حينئذ لا يكون علامة لها الاعلى وجه دائر ، ولا يتأتى التفصى عن الدور بما ذكر في التبادر هنا ، ضرورة انه مع العلم بكون الاستعمال على نحو الحقيقة لا يبقى مجال لاستعلام حال الاستعمال بالاطراد او بغيره «انتهى» (٢).
اقول : يمكن توجيه كونه علامة بدون لزوم الدور بان يقال : ان المراد من الاطراد حسن استعمال اللفظ في كل موقع من غير اختصاص له بمواقع خاصة كالخطب والاشعار مما يطلب فيها اعمال محاسن الكلام ورعاية الفصاحة
__________________
(١) لا يخفى ان بعض الجمل الانشائية ايضا يحتاج الى وضع الهيئة ويشهد له الاختلاف بين قولنا ازيد قائم وهل قام زيد في المفاد (منه) دام ظله العالى على الانام.
(٢) الكفاية : الامر السابع من المقدّمة ، ص ٩ ـ ٢٨.