وتحقيق المبحث ان يقال : ان النزاع يمكن ان يقع في استحقاق العقوبة وعدمه ؛ فيكون راجعا الى النزاع في المسألة الكلامية ، ويمكن ان يقع النزاع في ان ارتكاب الشيء المقطوع حرمته هل هو قبيح ام لا؟ فيكون المسألة من المسائل الاصولية التى يستدل بها على الحكم الشرعي ، ويمكن ان يكون النزاع في كون هذا الفعل اعنى ارتكاب ما قطع بحرمته مثلا حراما شرعا او لا ، فتكون من المسائل الفقهية.
فان كان النزاع في الاخير فالحق عدم اتصاف الفعل المذكور اعنى ما قطع بحرمته بالحرمة الشرعية ، توضيح ذلك : ان شرب الماء المقطوع خمريته في الخارج ينتزع منه عناوين : منها شرب الماء ، ومنها شرب مقطوع الخمرية ، ومنها شرب مقطوع الحرمة ، ومنها شرب المائع ، ومنها التجرى ، ولا اشكال في عدم كون الاخير منها اختياريا للفاعل فانه لم يكن محتملا لخطأ اعتقاده ، فلم يقدم على هذا العنوان عن التفات ، وهكذا الاول منها ، وباقى العناوين وان كان اختياريا للفاعل ، ضرورة ان مجرّد كون الفرد الصادر عنه غير الفرد المقصود مع اشتراكهما في الجامع لا يخرج الجامع عن كونه اختياريا ، إلّا انه من المعلوم عدم النزاع في شيء من تلك العناوين غير عنوان مقطوع الحرمة ، وقد عرفت مما مضى عدم قابلية هذا العنوان للحكم المولوى ، فان هذا الحكم نظير الحكم بحرمة المعصية ووجوب الاطاعة هذا.
واما ما يظهر من كلام شيخنا الاستاذ «دام ظله» من ان الفعل المتجرى به لا يكون اختياريا اصلا حتى بملاحظة العام الشامل للفرد المقصود وغيره فلعله من سهو القلم.
قال «دام ظله» في طى استدلاله على عدم كون التجرى حراما شرعا ما لفظه (١) : مع ان الفعل المتجرى به او المنقاد به بما هو مقطوع الوجوب او الحرمة لا يكون اختياريا ، كى يتوجه اليه خطاب تحريم او ايجاب ، اذ القاطع لا يقصده
__________________
(١) تعليقة المحقق الخراساني على فرائد الشيخ الأعظم «قدّس سرهما» ص ١٢.