إلّا بما قطع انه عليه من العنوان الواقعي الاستقلالي ، لا بهذا العنوان الطارى الآلي ، بل لا يكون اختياريا اصلا اذا كان التجرى او الانقياد بمخالفة القطع بمصداق الواجب او الحرام او موافقته ، فمن شرب الماء باعتقاد الخمرية لم يصدر منه ما قصده ، وما صدر منه لم يقصده ، بل ولم يخطر بباله ، لا يقال : ان ما صدر منه لا محالة يندرج تحت عام يكون تحته ما قصده ، فيسرى اليه قصده ، مثل شرب المائع في المثال ، فانّه يقال : كلا ، كيف يصير العام المتحقق في ضمن خاص مقصودا واختياريا بمجرد قصد خاص آخر قصد بخصوصيته؟ نعم لو عمد الى خاص تبعا للعام وصادف غيره من افراده لم يخرج عن اختياره ، بما هو متحد مع ذلك العام ، وان كان بخارج عنه بما هو ذلك الخاص «انتهى موضع الحاجة من كلامه دام بقائه».
اقول : لا شك في ان كل عنوان يكون ملتفتا اليه حال ايجاده وكان بحيث يقدر على تركه يصير اختياريا ، وان لم يكن موردا للغرض الاصلى ، مثلا لو شرب الخمر مع العلم بكونها خمرا ، لا لانها خمر بل لانها مائع بارد ، يصح ان يعاقب عليه لانه شرب الخمر اختيارا ، وان لم يكن كونها خمرا داعيا ومحركا له على الشرب ، لانه يكفى في كون شرب الخمر اختياريا صلاحية كون الخمرية رادعة له وكونه قادرا على تركه ، ونظير هذا محقق فيما نحن فيه بالنسبة الى الجامع ، فان من شرب مائعا باعتقاد انه خمر يعلم بان هذا مصداق لشرب المائع ويقدر على تركه ، فكيف يحكم بعدم كون شرب المائع اختياريا له ، فان خص العنوان الموجود اختيارا بما كان محطا للارادة الاصلية للفاعل فاللازم ان يحكم في المثال الذي ذكرنا بعدم كون شرب الخمر اختياريا ، لعدم تعلق الارادة الاصلية بعنوان الخمر كما هو المفروض ، ولا اظن احدا يلتزم به ، وان اكتفى في كون العنوان اختياريا بمجرد كونه معلوما وملتفتا اليه حين الايجاد ، بحيث يصلح لان يكون رادعا له ، فحكمه بعدم كون الجامع فيما نحن فيه اعنى شرب المائع اختياريا لا وجه له ، وكيف كان فالحكم بعدم اختيارية العناوين المنطبقة على الفعل المتجرى به باسرها حتى الجامع لما هو واقع وما هو مقصود مما لا ارى له وجها.