فالاولى ما قلنا في المقام ، ومحصله ان العناوين المتحققة مع الفعل المتجزى به بين ما لا يكون اختياريا ، وبين ما لا شبهة في عدم تحريمه ، وبين ما لا يكون قابلا لورود النهى المولوى عليه.
هذا على تقدير جعل النزاع في الحرمة الشرعية.
واما لو كان مجرى النزاع كون الفعل المتجرى به قبيحا او لا؟ فالذي يقوى في النظر عدم كونه قبيحا اصلا ، فانا اذا راجعنا وجداننا لم نر شرب الماء المقطوع خمريته الا على ما كان عليه واقعا قبل طرو عنوان القطع المذكور عليه ، والذي اوقع مدعي قبح الفعل في الشبهة كون الفعل المذكور في بعض الاحيان متحدا مع بعض العناوين القبيحة ، كهتك حرمة المولى والاستخفاف بامره تعالى شانه وامثال ذلك مما لا شبهة في قبحه. وانت خبير بان اتحاد الفعل المتجرى به مع تلك العناوين ليس دائميا ، لانا نفرض الكلام فيمن اقدم على مقطوع الحرمة ، لا مستخفا بامر المولى ولا جاحدا لمولويته ، بل غلبت عليه شقوته ، كاقدام فساق المسلمين على المعصية ، ولا اشكال في ان نفس الفعل المتجرى به مع عدم اتحاده مع تلك العناوين لا قبح فيه اصلا.
ومن هنا يظهر الكلام على تقدير جعل النزاع في استحقاق العقوبة ، وانه لا وجه لاستحقاق الفاعل من حيث انه فاعل لهذا الفعل الخارجي العقوبة بعد عدم كونه محرما ولا قبيحا عقلا.
نعم قد يقال : باتصاف بعض الافعال الموجودة في النفس مما هو موجب لتحريك الفاعل نحو الفعل بالقبح ، وبسببه يستحق موجده العقوبة ، بيان ذلك : ان الفعل الاختياري لا بد له من مقدمات في النفس ، بعضها غير اختيارية ، من قبيل تصور الفعل وغايته والميل اليه ، وبعضها اختيارية ؛ من قبيل الارادة ، فما كان من قبيل الاول لا يتصف بحسن ولا قبح ، ولا يستحق الشخص المتصف به مثوبة ولا عقوبة ، ضرورة ان ما ذكر منوط بالافعال الاختيارية. وما كان منها من قبيل الثاني يتصف في محل الكلام بالقبح ، كما انه في الانقياد يتصف