الجمعة بملاحظة ذاتها تكون مطلوبة ، ومتى تصورها بملاحظة كونها مشكوك الحكم تكون متعلقة لحكم آخر فافهم وتدبر فانه لا يخلو من دقة.
الوجه الثاني : ما افاده «طاب ثراه» ايضا ، وهو ان الاوامر الظاهرية ليست باوامر حقيقية ، بل هي ارشاد الى ما هو اقرب الى الواقعيات ، وتوضيح ذلك ـ على نحو يصح في صورة انفتاح باب العلم ولا يستلزم تفويت الواقع من دون جهة ـ ان نقول : ان انسداد باب العلم كما انه قد يكون عقليا كذلك قد يكون شرعيا ، بمعنى انه وان امكن للمكلف تحصيل الواقعيات على وجه التفصيل ، لكن يرى الشارع العالم بالواقعيات ان في التزامه بتحصيل اليقين مفسدة ، فيجب بمقتضى الحكمة دفع هذا الالتزام عنه ، ثم بعد دفعه عنه لو احاله الى نفسه يعمل بكل ظن فعلى من اى سبب حصل ، فلو رأى الشارع بعد ان صار مآل امر المكلف الى العمل بالظن أن سلوك بعض الطرق اقرب الى الواقع من بعض آخر فلا محذور في ارشاده اليه ، فحينئذ نقول : اما اجتماع الضدين فغير
__________________
قلت : ليس قيام الامارة المخالفة كطروّ عنوان الموطوئية على الغنم مغيّرا لمصلحة الواقع حتى يتوجّه الاشكالان ، بل حصل اسباب خارجية لجعل الامر باتباعها مع بقاء مصلحة الواقع بحالها ، من وجود المانع في امر الشارع بتحصيل العلم بالحكم الواقعي ليكون محركا بلا واسطة للعبد ، وكذا في أمره بالاحتياط للزوم العسر ، ومن وقوع المكلّف في خلاف الواقع كثيرا بالرجوع الى ظنون نفسه ، ومن عدم الجدوى في ارشاد الشارع طريقا يكون غالب المطابقة بنظره ، بعد قيام ظنون المكلف بخلاف ذلك الطريق ، فينحصر الأمر حينئذ في جعل الأمر المولوي باتباع ذلك الطريق ، فهذا الامر حيث انه يكون بعنوان سلوك الطريق ، لا لمصلحة في المؤدى من حيث هو ، ولهذا لا يترتب على مخالفته العقوبة الا في صورة الاصابة ، لا يستلزم التصويب وعدم حسن الاحتياط ، وحيث ان الطريقية تكون بنظر الشارع لا بنظر العبد يكون العقوبة في صورة الاصابة مترتبة على مخالفة نفسه ، دون الامر الواقعي الموجود معه ، اذ لا منافاة بينهما مع الاصابة ، لعينيتهما لبّا ، وان اختلفا انشاء ، ويكون الحجة فيما بين المولى والعبد هو الثاني.
وقد تبين مما ذكرنا عدم تمامية الوجه الثاني الذي نقلناه عن سيدنا الاستاذ «طاب ثراه» لعدم كفاية الارشاد وانحصار الطريق في الامر المولوي «منه ، قدسسره».