للتكليف لو كانت وافية بالمقدار المعلوم بالاجمال ، وإلّا يتممها من باقى الظنون ، ويعمل في الزائد بالاصل.
ولا فرق فيما ذكرنا على القولين بين اسباب الظن ، كما انه في حال الانفتاح لا فرق بين اسباب حصول العلم في لزوم اتباعه عقلا ، وكذا لا فرق بين الموارد ، لان المعيار عند العقل هنا العلم بالتكليف ، نعم يمكن ان يقال : بناء على الاول الظن الاطميناني بعدم التكليف لا يؤخذ به في الموارد التى عرف اهتمام الشارع بها ، كالدماء والفروج والاموال وامثال ذلك ، بل يحتاط فيها ، كما انه بناء على الثاني لا تكون هذه الموارد مجرى للبراءة وان كانت خارجة عن مورد الظن الاطميناني. هذا بناء على حكومة العقل.
واما بناء على الكشف فالذي ذهب اليه صاحب هذا القول ان العقل يكشف عن حجية طريق واصل الينا دون الطريق الواقعي الذي يبقى مجهولا عندنا ، فان وجه اعتبار الطريق في هذه الحال رفع تحير المكلف من الواقعيات المشكوك فيها ، فلا معنى لجعل طريق واقعي يكون المكلف متحيرا فيه ، ومقتضى هذا القول ان يؤخذ بالقدر المتيقن ولو في حال الانسداد ، ان كان في البين وكان وافيا في الفقه ، وإلّا فان كان لبعض الظنون ترجيح في نظرنا ويمكن الاكتفاء به في الفقه نقتصر عليه ، وإلّا نأخذ بمطلق الظن ، هذا.
ثم انه على تقدير القول بحجيّة الطرق الواقعية فاللازم الاحتياط باخذ الجميع لو لم يكن له محذور ، وإلّا فاللازم ترتيب مقدمات الانسداد في الطريق الى ان ينتهى الى مقدار من الظن لا يكون زائدا على قدر الكفاية في الفقه ، او لم يكن في الاحتياط فيه محذور ، والدليل على ذلك ان الطرق احكام ثانوية شرعية ، فكما ان انسداد باب العلم بالنسبة الى الاحكام الواقعية مع ساير المقدمات يقتضى جعل الشارع طريقا اليها كذلك حال انسداد باب العلم بالنسبة الى الاحكام الثانوية ، من غير تفاوت اصلا.
ومما ذكرنا يظهر لك انه لا وجه لتوهم انه على تقدير اشتباه الطرق الواقعية