يقتضى ارادة الطرف الباقي تحت القدرة معينا ، وهذا واضح.
فلو فرض ان صب الماء على الوجه مثلا يترتب عليه التصرف في المحل المغصوب قطعا بحيث لا يقدر بعد الصب على ايجاد المانع او رفع المحل عن تحت الماء فحرمة الغصب ووجوب تركه تقتضى حرمة صب الماء على الوجه عينا.
وعلى هذا بنى سيد اساتيذنا الميرزا الشيرازي «قدسسره» في حكمه ببطلان الوضوء (*٢٣) وان لم يكن المصب منحصرا في المغصوب اذا كانت الطهارة بحيث يترتب عليها التصرف ، فلا يرد عليه «قدسسره» ان صب الماء ليس علة تامة للغصب حتى يحرم بحرمته ، بل هو من المقدمات وما هو كذلك لا يجب تركه شخصا حتى ينافى الوجوب ، وحاصل الجواب ان صب الماء وان لم يكن علة ، إلّا انه بعد انحصار المقدمات المقدورة فيه كما هو المفروض يجب تركه عينا.
فإن قلت : ليس المقدور منحصرا في الصب بل الكون في المكان المخصوص ايضا من المقدمات وهو باق تحت قدرة المكلف فلم يثبت حرمة صب الماء عينا.
قلت : ليس الكون المذكور من مقدمات تحقق الغصب في عرض صب الماء ، بل هو مقدمة لتحقق الصب الخاص الذي هو مقدمة لتحقق الغصب ، والنهى عن الشيء يقتضى النهى عن احد الافعال التي هي بمجموعها علة لذلك الشيء ، فاذا انحصر المقدور من هذه الافعال في واحد يقتضى حرمته عينا. هذا
واذ قد عرفت ان حرمة مقدمات الحرام انما تكون على سبيل التخيير بمعنى ان الواجب ترك احدى المقدمات منها يتبين لك انه اذا اقتضت جهة من الخارج وجوب احدى تلك المقدمات عينا فلا يزاحمه الحرمة التخييرية التى جاءت من قبل النهى ، لان الاول ليس له بدل بخلاف الثاني ، فلا وجه لرفع اليد عن احد الغرضين الفعليين اذا امكن الجمع بينهما ، فاللازم بحكم العقل