ويمكن ان يكون وجهه ان الورود مورد الغالب يخرج القيد عن اللغوية فلا يكون حينئذ دليلا على ارادة المفهوم ، وفيه انه لو كان القول بالمفهوم من جهة الخروج عن اللغوية لما يصح القول به في كثير من الموارد ، لوجود احتمال نكتة في ذكر القيد ، وهذا في الحقيقة انكار للمفهوم للقضية ، واثبات لها في بعض المقامات لقرينة خاصة ، مع ان خروج القيد عن اللغوية يكفى فيه كونه دخيلا في الحكم ولا يدل على الانحصار حتى يلزم منه العدم عند العدم.
الثاني محل النزاع في المقام ما لو كان هناك موضوع محفوظ في كلتا الحالين ، اعنى حال وجود الوصف وعدمه ، فيدعى مدعى المفهوم دلالة القضية على عدم سنخ الحكم المتعلق بالموضوع المفروض فينحصر مورد النزاع فيما تخلف الموصوف عن الوصف ، وهو في الاوصاف التى تكون اخص من الموصوف او اعم من وجه في مورد تخلف الموصوف ، كما اشرنا في المبحث السابق الى ان الموارد التي يكون الشرط محققا للموضوع ليست محلا للبحث ، ففي مثل قولنا : «في الغنم السائمة زكاة» لو قلنا بالمفهوم نقول بدلالته على نفى الزكاة في الغنم المعلوفة ، واما الابل فان قلنا بان في سائمتها زكاة فمن جهة فهم المناط ، وان العلة لاصل الزكاة السوم ، فيجرى المعلول في غير المذكور تبعا للعلة ، وان قلنا بدلالة القضية المذكورة على عدم الزكاة في معلوفة الابل فمن جهة حصر مناط اصل الزكاة في السوم ، ولا دخل لشيء مما ذكر بمفهوم الوصف المدعى كما لا يخفى.
__________________
والمتكلم مفهوم آخر مقدر كما لو تلفظ به ، فكما انه في صورة التلفظ القائل بالمفهوم يأخذ بالمفهوم فكذا الحال في صورة التقدير الحاصل من الانصراف.
فان قلت : الانصراف موجب لتضييق دائرة المفهوم الاول بحيث يكون في البين مفهوم واحد مضيق ، لا ان هنا مفهومين احدهما منضم الى الآخر.
قلت كلا بل باب الانصراف باب تعدد الدال والمدلول ، فلهذا يكون اللفظ في فاقد القيد حقيقة بالوضع الاول «منه».