كان موجودا في الزمن الاول لكن الامارات الدالة على الاحكام لما دلت على ثبوتها من اول الامر وكان الواجب عليه البناء على مضمونها ففي زمان الاطلاع على هذه الامارات لم يكن اجمال في البين بملاحظة الحالة السابقة لانه يعلم في الحال بثبوت التكليف في موارد الامارات من اول الامر ويشك في الزائد كذلك ، وبعبارة اخرى الظفر بالامارات بعد العلم الاجمالي من قبيل العلم بالتكاليف الواقعية من اول الامر ، فكما انه يوجب انحلال العلم الاجمالي كذلك الظفر بالامارات الشرعية ، لانها تكشف عن وجود تكاليف قطعية على طبق مقتضاها من اول الامر ، هذا.
ولا يخفى ان الجواب المذكور وان كان نافعا في المقام ، فان كلامنا في الشبهات الحكمية ، والادلة القائمة على التكاليف ثابتة في الواقع مقدمة على العلم الاجمالى ، غاية الامر عدم اطلاع المكلف عليها ، وبعد اطلاعه عليها يكشف عن ثبوت تكاليف قطعية من اول الامر كما عرفت ، ولكنه غير نافع في الشبهة الموضوعية كما لو قامت البينة على بعض اطراف العلم الاجمالى متأخرة عن العلم ، لانها لا تكشف عن التكليف القطعي ، ضرورة ان التكليف القطعي الذي يكون عبارة عن وجوب متابعة البينة لا يمكن ان يكون سابقا على نفس البينة ، فلا يبقى في البين إلّا لسان البينة بكون هذا موضوعا للحكم سابقا ، ومجرد هذا اللسان لا يجدى في الانحلال الوجداني ، نعم الجواب الاول ان تم فهو نافع مطلقا حتى في موارد قيام البينة.
الوجه الثالث ان العلم يعتبر في موضوع حكم العقل من حيث انه طريق قاطع للعذر لا من حيث انه صفة خاصة ، ولذا تقوم الامارات مقامه ، وقد بينا الفرق بينهما في مبحث حجية القطع ، وعلى هذا لو قامت امارة معتبرة او طريق معتبر على بعض الاطراف مفصلا فالمعلوم بصفة انه معلوم وان كان بعد مرددا ، ولكن ما قام عليه الطريق القاطع للعذر ليس مرددا ، فما يكون ملاك حكم العقل بوجوب الامتثال مفصل ، وما بقى على اجماله ليس ملاكا لحكم العقل ،