من جهة اشتمالها على الحكم بطهارة جميع الاشياء بعناوينها الاولية ، فلا يبقى له الشك حتى يحتاج الى العمل بالحكم الوارد على الشك.
اللهم إلّا ان تحمل القضيّة على الاخبار والحكاية عن الواقع دون الانشاء ، وعلى هذا يرتفع الاشكالان ، لانه اذا فرض ان الشارع حكم على بعض الاشياء بعناوينها الاولية بالطهارة ، وعلى بعض آخر بعنوان انه مشكوك بها ايضا ، يصح ان يقول واحد في مقام الحكاية : «كل شيء طاهر عند الشرع اما بالطهارة الواقعية واما بالطهارة الظاهرية» هذا.
ولكنه لا يدل على ان المحكوم بالطهارة ما هو حتى يكون دليلا اجتهاديا على طهارة الاشياء بعناوينها الاولية ، كما نص عليه كلامه المحكى ، فيظهر ان ما قلناه في مقام التوجيه لا ينطبق على المستفاد من كلامه «دام بقاؤه».
وثانيا بأن مقتضى الغاية المذكورة في القضية أن الحكم فيها انما هو ثابت في ما قبل الغاية ، وهو زمان عدم العلم بالقذارة ، وهذا الحكم الثابت للاشياء في زمان عدم العلم بالقذارة عبارة عن قاعدة الطهارة ، فاين حكم الاستصحاب الذي هو عبارة عن ابقاء الشيء الموجود سابقا في حال طرو الشك ، والشيء الذي فرضناه موجودا بهذه الرواية هو طهارة الاشياء في حال عدم العلم ، وهو حال الشك ، وبقائها ببقاء الشك ليس استصحابا قطعا ، لان مقتضى الحكم المعلق على موضوع بقاؤه ببقائه ، ومن الموضوعات الشك ، واذا اريد افادة الاستصحاب فاللازم فرض شك آخر طار على هذا الحكم المتعلق بموضوع الشك والحكم ببقائه في حال ذلك الشك الطارى ، كما اذا شك في ان هذا الحكم المتعلق بالشك هل نسخ ام لا؟ مثلا.
والحاصل انه لا ينبغي الشك في عدم امكان الجمع بين القاعدة والاستصحاب في قضية واحدة بعد ملاحظة ما ذكرنا ، وعليك بالتأمل والتدبر لئلا يشتبه عليك الحال.