ومنها : ان المقدمة لو لم تكن واجبة لجاز تركها فحينئذ فان بقى الواجب على وجوبه يلزم التكليف بالمحال ، وإلّا يلزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا ، وبطلان اللازمين مما لا كلام فيه فكذا الملزوم.
والجواب : ان ما اضيف اليه الظرف (١) في قوله فحينئذ ان كان الجواز نختار الشق الاول ، اعنى بقاء الواجب على وجوبه ، ولا يلزم المحذور قطعا ، لعدم معقولية تأثير الوجوب في القدرة ، وان كان الترك مع كونه جائزا ، فان فرض امكان ايجاد المقدمة عند ذلك ، بان كان الوقت موسعا ، فنختار ايضا الشق الاول ، ولا يلزم التكليف بالمحال ، وهو واضح ، وإلّا بان انقضى زمان الاتيان بها فنختار الشق الثاني وقوله : «يلزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا» ان اراد خروجه من اول الامر عن كونه كذلك ، كما هو ظاهر عبارته ، فنمنع الملازمة ، وان اراد خروجه بعد ترك المقدمة وانقضاء زمانها فليس اللازم باطلا ، لان الوجوب قد يسقط بالاطاعة وقد يسقط بالعصيان.
__________________
(١) والاولى في الجواب ان يقال : انه ان اريد من الجواز الترخيص الشرعى نمنع الملازمة ، بمعنى انه متى راجعنا وجداننا نجد من انفسنا انا في اوامرنا لسنا بمقهورين في ارادة مقدمات المطلوب ، بل لا باس بالتصريح بانى لا الزمك على فعل المقدمة ، وان كان لا يجوز لنا الترخيص في الترك ايضا او المنع من فعلها ، فلا باس بالتصريح بنفى جميع الاحكام الخمسة عنها ، نعم هذا حال الآمر ، واما الفاعل فحيث ان ارادته محركة الى الفعل ، والمفروض انه فاعل مختار ، والتحرك نحو الفعل ايضا لا يتمشى من دون التحرك نحو المقدمات ، فلا محالة ينقدح في نفسه ارادة المقدمات ، واما الآمر فلا فائدة في امره الا تحريك العبد ، وهو يحصل بمجرد الامر النفسى من دون حاجة الى الامر المقدمى ، ولا يرى ايضا فائدة في نفس المقدمة حسب الفرض غير القرب الى ذيها ، ولا فائدة له في محض القرب ايضا ، فلم يبق إلّا انه ملجأ بارادة المقدمة من دون فائدة ، وقد عرفت خلافه بمراجعة الوجدان ايضا ، نعم لا بد من ارادة العبد للمقدمات لما عرفت في الارادة الفاعلية ، هذا لو اريد الجواز الشرعي ، واما لو اريد الجواز بمعنى عدم المنع ففيه ما ذكر في المتن «منه».