ومقدماته في محله كما عرفت ، فالارادة المبتنية على امر مقدر ، سواء علم بتحقق ذلك الامر ام لم يعلم بل ولو علم عدمه ، موجودة ، ولكن تاثيرها في الفاعل يتوقف على العلم بتحقق ذلك الامر.
المقدمة الثانية : ان الارادة المبتنية على تقدير امر في الخارج لا يعقل ان تقتضى ايجاد متعلقها على الاطلاق ، اي سواء تحقق ذلك المقدر ام لا ، وإلّا خرجت عن كونها مشروطة بوجود شيء ، فمتى ترك الفعل بترك الامر المقدر لا يوجب مخالفة لمقتضى الارادة ، نعم المخالفة انما تتحقق فيما اذا ترك مع وجود ذلك المقدر ، وهذه المقدمة في الوضوح بمثابة لا تحتاج الى البرهان.
المقدمة الثالثة : ان الارادة المتعلقة بشيء من الاشياء لا يقدح في وجودها كون المامور بحيث يترك في الواقع او يفعل ، اذ لا مدخلية لهذين الكونين في قدرة المكلف ، فالارادة مع كل من هذين الكونين موجودة ، ولكن لا يمكن ان يلاحظ الآمر كلا من تقديرى الفعل والترك في المامور به لا اطلاقا ولا تقييدا ؛ اما الثاني فواضح لان ارادة الفعل على تقدير الترك طلب المحال ، وارادة الفعل على تقدير الفعل طلب الحاصل ، واما الاول فلان ملاحظة الاطلاق فرع امكان التقييد ، وحيث يستحيل الثاني يستحيل الاول ، فالارادة تقتضى ايجاد ذات متعلقها ، لا انها تقتضى ايجاده في ظرف عدمه ولا ايجاده في ظرف وجوده ولا ايجاده في كلتا الحالتين ، لان هذا النحو من الاقتضاء يرجع الى طلب الشيء مع نقيضه او مع حصوله ، فظهر ان الامر يقتضى وجود ذات الفعل من دون ملاحظة تقييد الفعل بالنسبة الى الحالتين المذكورتين ولا اطلاقه بالنسبة اليهما ، نعم الامر المتعلق بذات الفعل موجود سواء كان المكلف ممن يترك او يفعل ، ولكن هذا الامر الموجود يقتضى عدم تحقق الترك وتحقق الوجود ، لا انه يقتضى الوجود على تقدير الترك ، وبعبارة اخرى يقتضى عدم تحقق هذا المقدر لا انه يقتضى وجود الفعل في فرض وقوعه ، لان الثاني يرجع الى اقتضاء اجتماع النقيضين دون الاول ، فافهم فانه لا يخلو عن دقة.