لان العناوين المنتزعة لا تنتزع الا من صرف الوجود من دون ملاحظة الخصوصيات ، مثلا مفهوم ضارب ينتزع من ملاحظة حقيقة وجود الانسان واتصافه بحقيقة وجود المبدأ من دون دخل لخصوصيات افراد الانسان او كيفيات الضرب في ذلك.
اذا عرفت هذا فنقول : مفهوم الغصب ينتزع من حقيقة التصرف في ملك الغير من دون مدخلية لخصوصيات التصرف من كونه من الافعال الصلاتية او غيرها في ذلك ، ومفهوم الصلاة ينتزع من الحركات والاقوال الخاصة مع ملاحظة اتصافها ببعض الشرائط من دون مدخلية خصوصية وقوعها في محل خاص ، وقد عرفت مما قررنا سابقا قابلية ورود الامر والنهى على الحقيقتين المتعددتين بملاحظة الوجود الذهني المتحدتين بملاحظة الوجود الخارجي ، وهنا نقول ان المفاهيم الانتزاعية وان كان حقيقة البعث او الزجر المتعلق بها ظاهرا راجعا الى ما يكون منشأ لانتزاعها ، لكن لما كان فيما نحن فيه منشأ انتزاع الصلاة والغصب متعددا لا باس بورود الامر والنهى وتعلقهما بما هو منشأ لانتزاعهما. هذا غاية الكلام (١) في المقام وعليك بالتامل التام فانه من مزال الاقدام.
وينبغي التنبيه على امور :
__________________
(١) إن قلت : ما ذكرت في تقريب الجواز في اجتماع ارادة الآمر وكراهته آت بعينه في جانب الفاعل ، فما سر ما نشاهده من ان الفاعل مع ذلك لا يتمشى منه الحركة سمت ما كان متحدا مع المبغوض من افراد محبوبه ، بل ينصرف ارادته قهرا نحو سائر الافراد ، فقضية المقايسة بين ارادتى الآمر والفاعل ان نقول هنا ايضا بانصراف ارادة الآمر نحو سائر الافراد.
قلت : سر ذلك ان دواعى الارادة ومرجحات الخصوصية الفردية كليهما حاضرة في نفس المريد في طرف الفاعل ، ومفترقة في جانب الآمر ، فدواعى الارادة في نفس المريد ومرجحات الفرد في نفس المامور ، وهو بسوء اختياره يختار الفرد المبغوض من الطبيعة التى ارادها مولاه «منه».