احدهما ما يظهر من كلام شيخنا المرتضى «قدسسره» في اقسام جعل الطرق على اضطراب عبارته «قدسسره» وهو ان لا يحدث بسبب قيام الطريق في نفس العملى مصلحة ومفسدة اصلا ، وانما كان المصلحة في ترتيب آثار الواقع على مؤدى الأمارة والمعاملة معه معاملة الواقع ، فحينئذ لا يلزم الاجزاء إلّا اذا استند الفوت الى العمل بالامارة ، واما اذا انكشف الخلاف في الوقت فلا ، فيجب على المكلف اتيان الواقع.
وثانيهما ما هو المشهور المعروف من كون الملحوظ في جعل الاحكام الطريقية مصالح أخر غير مصالح الواقعيات ، فالواقع على ما هو عليه باق من غير تدارك له اصلا ، وانما الملحوظ تسهيل الأمر على العباد ، حيث انه لو اوجب عليهم تحصيل العلم بالواقع لوقعوا في عسر وحرج ، فجعل لهم تلك الطرق تسهيلا عليهم ، والمصلحة انما هو في نفس الحكم لا في المتعلق ، وعلى هذا فعدم الاجزاء واضح ، لانه بمقتضى اطلاق أدلة الواقع ، ولولاه فاصالة الاشتغال رافعة لاحتمال تفويت المحلّ.
ثمّ عدم الاجزاء في الشبهات في الاحكام واضح ، فلو دل الطريق على وجوب الجمعة فانكشف ان الواجب هو الظهر وجب الاعادة او القضاء ، وذلك لان الحكم بوجوب الجمعة لدى الجهل بوجوب الظهر بقضية الطريق ليس في عرض الحكم الواقعي بوجوب الظهر حتى يكون وجوب الظّهر مقيدا في الواقع بحال العلم به حتى يلزم الدور ، بل هو في طول هذا الحكم ، وهو محفوظ في رتبته ، وثابت في حق الجاهل والعالم على السواء ، ولازم ذلك عدم الاجزاء. واما في الشبهات الراجعة الى موضوعات الاحكام فربما يقال : ان ادلة الشكوك مثل كل شيء طاهر حتى تعلم ، وكل شيء حلال حتى تعلم ، ورفع ما لا يعلمون ولا تنقض اليقين بالشك مفيدة لتقييد الموضوعات الواقعية الواقعة في الادلة المتكفلة للحكم الواقعي ، مثل قوله «لا صلاة إلّا بطهور ، والخمر حرام ووبر الارنب مانع ، والطهارة الخبثيّة شرط في الصلاة بحال العلم بتلك الموضوعات ، فتتخصص تلك الادلة ، فالطهارة التي هي شرط الصلاة هي الطهارة المعلومة او المشكوكة المسبوقة بالعلم بالطهارة دون المشكوكة المسبوقة بالعلم بالحدث ، وكذا الخمر التي حكم عليها بالحرمة مخصوصة بالخمر المعلومة او المشكوكة المسبوقة بالخمرية وهذا امر متعقل اعني تقييد الموضوع بالعلم به ، وليس كتقييد الحكم بالعلم به مستلزما للدور كما هو واضح ، وعلى هذا فالصلاة الواقعة في وبر الارنب الواقعي المشكوك كونه كذلك صلاة واجدة للشرط الواقعي حتى بعد انكشاف كونه وبر الارنب ، وانما ترتفع الشرطية من هذا الحين وفي الحقيقة ليس هذا حكما ظاهريا بل حكم واقعي ، ويمكن الجمع في ادلة الشكوك ايضا بالنسبة الى الشبهات الموضوعية بين هذا المعنى الذي هو حكم واقعي وبين