فان قلت : ان مجرد كون الفعل قبيحا بحكم العقل لا يوجب استحقاق العقوبة من المولى ، لان العقوبة تابعة للتكليف المولوى ، ولذا قيل : ان التكاليف الشرعية الطاف في التكاليف العقلية ، ومعنى هذا الكلام ان الاوامر والنواهى الصادرة من الله تعالى توجب زيادة بعث للعباد نحو الفعل والترك ، لكونها موجبة للمثوبة والعقوبة ، ولو كان حكم العقل بالحسن والقبح كافيا فيهما لما كانت التكاليف الالهية ألطافا ، ولا يمكن ان يقال : باستكشاف حكم الشرع هنا بقاعدة الملازمة ، لانا نقول : ـ مضافا الى منع تلك القاعدة ، بناء على عدم كفاية الجهات الموجودة في الفعل للتكليف ، اذ قد يكون الفعل حسنا عقلا ولا يامر به الشارع ، او يكون قبيحا ولا ينهى عنه ، لعدم المصلحة في النهى عنه ـ إن الملازمة المذكورة انما تنفع فيما يكون قابلا للتكليف المولوى ، وليس المقام كذلك ، لان حال النهى المتعلق بارادة المعصية كحال النهي المتعلق بها.
قلت : فرق بين العناوين القبيحة ، فان منها ما لا يكون لها ارتباط خاص
__________________
وايضا لو لا اختيارية الارادة كيف يصح الامر بها وقد وقع في الشريعة كما في النية المعتبرة في باب العبادات.
ثم لا يخفى انه لو لا اختيارية الارادة كان تعذيب العاصي من جهة بعده الناشئ من خبث ذاته كتعذيب الحمار من جهة كونه حمارا الذي هو قبيح بحكم العقل.
لا يقال : ينافي اختياريتها ان الكتاب والسنة قد وقع في غير موضع منهما التحذير عن العصيان الخارجي والترغيب نحو الاطاعة الخارجية ، ولم يقع في موضع منهما تحذير وترغيب بالنسبة الى الارادة القلبية ، بل ورد أن نية السوء لا تكتب.
لانا نقول : بل يمكن الاستشهاد من قولهم «عليهمالسلام» نية السوء لا تكتب أنها اختيارية ، من جهة ورود هذه القضية في مقام المنة نعم حيث لا يمكن نفي القبح عن العصيان الخارجي رأسا فيلتزم في مورده باشدية القبح ، لاجتماع الملاكين ، والعفو المستفاد من قولهم «نية السوء لا تكتب» لا يشمل النية المقرونة بالعصيان ، فيكون العقاب في مورده اشد كالقبح «منه ، قدسسره».