هذا الامر بحكمه بلزوم التوقف عند اشتباه مدلول الخبر إما بالتعارض او بغيره ، والحاصل انا ندعى ان اخبار التوقف بملاحظة ما قلنا منصرفة الى حرمة القول بالرأى في تعيين مدلول كلام الشارع ، فاذا ورد دليل دال على التخيير في مقام العمل فلا منافاة بينه وبين تلك الاخبار ، والشاهد على ذلك ايضا قولهم عليهمالسلام بعد الامر بالتوقف في بعض الاخبار ، «ولا تقولوا فيه بآرائكم» (١).
وان ابيت عن الانصراف المذكور يمكن ان يقال : ان مدلول اخبار التوقف اعم مطلقا من مدلول اخبار التخيير ، لان الاول يرجع الى النهى عن امور ، منها القول بغير العلم في مدلول الخبرين ، ومنها الاخذ بخبر خاص حجة على انه هو الحجة لا غير ، ومنها اخذ احدهما حجة على سبيل التخيير ، واخبار التخيير تدل على جواز الاخير ، فيجب تقييد تلك الادلة بها.
ومما ذكرنا ظهر ما فيما افاده شيخنا المرتضى «قدسسره» في الرسالة من دلالة اخبار التوقف على الاحتياط في العمل بالاستلزام (٢) ووجّه ذلك شيخنا الاستاذ «دام بقاه» بان الاحتياط في العمل لا يحتاج الى فتوى بشيء اصلا بخلاف العمل على البراءة ، فانه لا بد من الفتوى بها ثم ناقش في ذاك ، بمنع الاستلزام ، اذ يكفى في العمل بالبراءة حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان بلا افتاء بالاباحة شرعا ، لا ظاهرا ، ولا واقعا ، ثم قال «دام بقاه» : فالاولى التمسك للاحتياط باطلاق اخبار التوقف ، اذ باطلاقها تدل على وجوب التوقف عن ارتكاب الشبهة مطلقا وعدم جواز الاقتحام فيها اصلا ، عملا كان ، او فتوى ، بل دلالتها على وجوب التوقف في الفتوى ليست إلّا لانها عمل ايضا لا بما هي فتوى «انتهى» (٣).
__________________
(١) الوسائل ، الباب ١٢ من ابواب صفات القاضى ، الحديث ٣١.
(٢) الفرائد ، المقام الاول في المتكافئين ، ص ٤٣٩.
(٣) تعليقة الفرائد ، هنا ، ص ٢٥٨.