أمّا الأوّل ففيه وجوه بل أقوال :
الأوّل : ما استظهره المصنّف من الأكثر ، وهو أنّ الإعانة عبارة عن إيجاد مقدمة من مقدّمات فعل الغير وإن لم يقصد حصوله منه.
الثاني : إيجادها بقصد حصوله منه ، كما في كلام المحقّق الثاني في حاشية الإرشاد. وإطلاق القولين يقتضي التعميم لصورة وقوع المعان عليه في الخارج وعدم وقوعه.
الثالث : أنّه يعتبر فيه مع قصد ذلك وقوع الفعل المعان عليه في الخارج أيضا ، وقد نسبه المصنّف إلى بعض معاصريه وأراد به صاحب العوائد كما يأتي.
الرابع : ما نسبه المصنّف إلى المحقّق الأردبيلي من اعتبار القصد أو وقوع المقدّمة على وجه يصدق عليها الإعانة عرفا ، مثل أن يطلب الظالم العصا من شخص لضرب مظلوم فيعطيه إيّاه ولو لم يقصد ذلك.
الخامس : إيجاد بعض المقدمات القريبة دون البعيدة.
السادس : إيجاد بعض المقدّمات مطلقا بشرط وقوع المعان عليه في الخارج سواء تحقق القصد أم لا. اختار هذا في مصباح الفقاهة (١) ، كما يأتي بيانه.
«وقد يستشكل في صدق الإعانة بل يمنع ، حيث لم يقع القصد إلى وقوع الفعل من المعان ، بناء على أنّ الإعانة هي فعل بعض مقدمات فعل الغير بقصد حصوله منه لا مطلقا. وأوّل من أشار إلى هذا ، المحقق الثاني في حاشية الإرشاد في هذه المسألة ، حيث إنّه بعد حكاية القول بالمنع مستندا إلى الأخبار المانعة قال : «ويؤيّده قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ) ويشكل بلزوم عدم جواز بيع شيء مما يعلم عادة التوصّل به إلى محرّم لو تمّ هذا الاستدلال ، فيمنع معاملة أكثر الناس. والجواب عن الآية المنع من كون محلّ النزاع معاونة ، مع أنّ الأصل الإباحة ، وإنّما يظهر المعاونة مع بيعه لذلك.» انتهى (عبارة الشيخ الانصارى (ره)).
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ١ ، ص ١٧٦ ، في المسألة الثالثة من القسم الثاني من النوع الثاني.