ومنها ما رواه القمي في تفسير قوله ـ تعالى ـ : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) عن أبان بن تغلب قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : «يا أبان أترى ان الله ـ عزوجل ـ طلب من المشركين زكاة أموالهم وهم يشركون به حيث يقول : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ؟) قلت له : كيف ذلك جعلت فداك فسرّه لي ، فقال : ويل للمشركين الذين أشركوا بالإمام الأوّل وهم بالأئمة الآخرين كافرون يا أبان إنما دعا الله العباد إلى الإيمان به فاذا آمنوا بالله وبرسوله افترض عليهم الفرائض» (١).
ومنها ما رواه في الاحتجاج في احتجاج أمير المؤمنين عليهالسلام على زنديق : «واما قوله : (إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) فان الله ـ عزوجل ـ نزّل عزائم الشرائع وآيات الفرائض في أوقات مختلفة كما خلق السماوات والأرض في ستة أيام ولو شاء لخلقها في أقل من لمح البصر ولكنه جعل الاناة والمداراة امثالا لأمنائه وإيجابا للحجة على خلقه فكان أول ما قيدهم به الإقرار بالوحدانية والربوبية والشهادة بان لا إله إلّا الله فلما أقروا بذلك تلاه بالاقرار لنبيه بالنبوة والشهادة له بالرسالة فلما انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة ثم الصوم ثم الحج ثم الجهاد ثم الزكاة ثم الصدقات وما يجري مجراها من مال الفيء» (٢)
أقول : اما الخبر الأخير فلا ربط له بمسألتنا فانه في مقام بيان التدرج في نزول الأحكام في صدر الإسلام وهو أمر لا ينكر وإنما البحث في أن الأحكام بعد نزولها بالوحي تخص المسلمين أو تعم الكافرين أيضا.
وأمّا الآخران فأجاب عنهما الشيخ ـ طاب ثراه ـ في مبحث غسل الجنابة من الطهارة بما حاصله بتوضيح وإضافة منا : أنا لا نقول بكون الكفار مخاطبين بالفروع تفصيلا كيف وهم جاهلون بها غافلون عنها وعلى تقدير الالتفات يستهجن خطاب من أنكر الرسول بالإيمان بخليفته وأخذ الأحكام منه بل المراد أن الرسول أرسل إلى كافة الناس وأن المنكر له أيضا مأمور بالإيمان به والايتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه ، فإن آمن وحصل ذلك كله كان مطيعا وإن لم يؤمن ففعل المحرمات وترك الواجبات عوقب عليها كما يعاقب على ترك
__________________
(١) تفسير القمي ، ج ٢ ، ص ٢٦٢.
(٢) الاحتجاج ، ص ٣٧٩ ، طبع النجف الأشرف (دار النعمان).