المطلوب والمكلّف به. فالمطلوب في الوجوب الكفائي هو نفس طبيعة الفعل بإطلاقها الذاتي ، وفي العيني طبيعة الفعل بقيد صدورها من هذا الفاعل الخاصّ.
والسرّ في ذلك أنّ الأوامر تابعة للمصالح والأغراض ، فإن كانت المصلحة في صدور الفعل عن كلّ واحد من المكلّفين بحيث تترتّب المصلحة على الفعل بقيد صدوره عن الفاعل الخاصّ كما في الأمر الصلاتي حيث إنّ تكامل الشخص وارتداعه عن الفحشاء والمنكر يترتبان على صلاة نفسه فحينئذ يكون الوجوب عينيا.
وإن كانت المصلحة في مجرد تحقق طبيعة الفعل في الخارج من غير دخالة لصدورها عن فاعل خاصّ كما في دفن الميت وتجهيزه فحينئذ يتعلّق التكليف بنفس الطبيعة بإطلاقها الذاتي ويكون الواجب كفائيا ، إذ تقييدها بقيد صدورها من الشخص يكون جزافا.
وحيث إنّ كلّ واحد من المكلفين قادر على تحصيل هذه الطبيعة المطلقة أمر المولى كلّ واحد منهم بذلك. فإذا حصلت في الخارج سقط جميع الأوامر قهرا بحصول متعلّقها ، وإن عصى الجميع عوقبوا جميعا.
والحاصل أنّ الفرق بين العيني والكفائي لا يرجع إلى المكلّف ، بل إلى المكلّف به. والمكلّف به في الكفائي مطلق الطبيعة ، وفي العيني الطبيعة بقيد صدورها من الفاعل الخاصّ.
وعلى هذا فإطلاق المتعلّق يقتضي الكفائية. نعم ، لا ننكر أنّ توجه الخطاب والتكليف يوجب الانصراف إلى العينية ، فتدبر.»
انتهى ما أردنا نقله من كلام السيد الأستاذ ـ قدسسره ـ وإن شئت التفصيل فراجع ما قرّرناه من أبحاثه في كتاب نهاية الأصول المطبوع سابقا. (١)
والظاهر أنّ ما ذكره حقّ لا مرية فيه.
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ٢٢٨ الى ٢٣٠.