توسّط مبادي أخر بينها وبين وجود الفعل خارجا كالأعضاء والأوتار والعضلات والقوى المنبثة فيها ، فالنفس في عالم الطبيعة فاعلة بالآلات لا بنفسها.
نعم ، قد يمكن أن يقهر بعض النفوس القوية قوى الفاعل وآلاتها ، ويسخّرها تحت إرادته بحيث يسلب منه الاختيار والإرادة بالكليّة فيكون الفعل حينئذ صادرا عن المسخّر القادر القوي لا عن المسخّر (بالفتح).
الجهة الثانية : أن الفعل الصادر عن المكره تارة لا يخرج بالإكراه عن الحرمة الفعليّة الثابتة لولاه ، كالإكراه على قتل النفس المحترمة فإنّه محرّم على المباشر وإن أكره عليه وأوعد بقتل نفسه أيضا ، واخرى يخرج بالإكراه عن الحرمة الثابتة لولاه كما في غالب موارد الإكراه ، وثالثة يكون قبل الإكراه خارجا عن الحرمة الفعليّة بسبب آخر كالاضطرار إليه فلم يفعله فأكره عليه ، بل قد يصير الإكراه حينئذ واجبا كما لو اضطرّ إلى أكل الميتة بحيث توقّفت حياته عليه ومع ذلك لم يأكله فإنّه حينئذ يجب إكراهه حفظا لنفسه ، ومن هذا القبيل أيضا إكراه الحاكم من استنكف عن أداء حقوق الغير.
فحكم الإكراه والفعل المكره عليه مختلف بحسب الموارد. فليس كل ما أكره عليه محرما ولا كل إكراه حراما وظلما.»
إلى آخر ما ذكره (قده) بطوله ، فمن أراد فليرجع إلى كتابه. (١)
والغرض هنا بيان أنّ فعل المكره (بالكسر) ليس علّة تامّة لفعل المكره خلافا لما يظهر من المصنّف (قده).
وكيف كان فمورد نظر المصنّف هنا القسم الثاني من أقسام الإكراه ، أعني ما يكون رافعا لحرمة متعلّقه ، ولا إشكال في حرمته إجمالا لكونه ظلما ولكونه تسبيبا إلى وقوع الحرام ، وهما بأنفسهما محرّمان.
قال الأستاذ الإمام (ره) في هذا المجال :
__________________
(١) المكاسب المحرّمة للإمام الخميني (ره) ، ج ١ ، ص ٩٢ وما بعدها (ط. الجديدة ، ج ١ ، ص ١٣٨).