الثالث : أن يكون شرطا لصدور الحرام ، وهذا يكون على وجهين :
أحدهما : أن يكون من قبيل إيجاد الداعي على المعصية ، إمّا لحصول الرغبة فيها كترغيب الشخص على المعصية ، وإمّا لحصول العناد من الشخص حتى يقع في المعصية كسبّ آلهة الكفّار الموجب لإلقائهم في سبّ الحقّ عنادا ، أو سبّ آباء الناس الموقع لهم في سبّ أبيه. والظاهر حرمة القسمين ، وقد ورد في ذلك عدّة من الأخبار.
وثانيهما : أن يكون بإيجاد شرط آخر غير الداعي كبيع العنب ممّن يعلم أنه يجعله خمرا ، وسيأتي الكلام فيه.
الرابع : أن يكون من قبيل عدم المانع ، وهذا يكون تارة مع الحرمة الفعليّة في حقّ الفاعل كسكوت الشخص عن المنع من المنكر ، ولا إشكال في الحرمة بشرائط النهي عن المنكر ، واخرى مع عدم الحرمة الفعليّة بالنسبة إلى الفاعل كسكوت العالم عن إعلام الجاهل كما فيما نحن فيه ، فإنّ صدور الحرام منه مشروط بعدم إعلامه. فهل يجب رفع الحرام بترك السكوت أم لا؟ وفيه إشكال. (١)»
لا يخفى أنّ العلّة التامّة مركّبة من ثلاثة أجزاء أصلية : المقتضي ، واجتماع الشروط ، وارتفاع الموانع ، فإذا تحققت الأجزاء الثلاثة برمّتها وجب قهرا تحقّق المعلول. والمراد بالمقتضي ـ ويقال له السبب أيضا ـ المؤثّر الذي يترشح منه وجود المعلول ، والمراد بالشرط ما له دخل في فاعليّة الفاعل أو قابليّة القابل ، والمراد بالمانع ما يمنع من تأثير المقتضي أثره. فالنار مثلا مقتضية للإحراق ، والمجاورة لها شرط لتأثيرها ، ورطوبة الشيء مانعة عنه.
والظاهر أنّ المصنّف أراد من تربيع الأقسام بيان أنّ عمل الشخص إمّا أن يكون علّة تامّة لفعل الغير ، وإمّا أن يكون من أجزاء علّته بنحو الاقتضاء ، أو الشرطيّة ، أو عدم المانع ، فهذه أربعة أقسام :
__________________
(١) المكاسب المحرمة ، ج ٢ ، ص ٢٥.