على «عليّ» أن ينتظره في مكان معيّن (٢٢٢). وهناك كان ينوي قتله. ولكن عليّ الذي توقع كل شيء دعا رفيقه (٢٢٣) ، وقال له بأن ساعة العمل قد أزفت لوضع مشروعهما قيد التنفيذ. فأخذا معهما عشرين فردا من أصدقائهما ، وتسلحوا بعناية ، وجهزا مركبا بحجة إرساله إلى آزّمور ، والحقيقة لكي يتمكنوا من الهرب إذا اقتضت الحاجة. وقصدوا الجامع الذي بلغوه بعد وصول الأمير بقليل وكان يؤدي الصلاة. وكان الجامع غاصا بجمهور عظيم. ودخل الشابان وحرسهما ، بكل حماس وعزم ، إلى الجامع واقترب الاثنان من الملك الذي كان بجوار الإمام ، دون أن يمنعهما الحرس الملكي من ذلك ، إذ لم يكن لدى الحرس أي ارتياب ، فقد كانوا يعرفون المكانة التي يتمتع بها عليّ ورفيقه لدى الملك. ومرّ أحد المتآمرين من أمامه في حين وقف الثاني ، وهو عليّ ، خلفه وأغمد خنجره في ظهره ، في حين أغمد الثاني سيفه في جسمه. وحدث هرج عظيم وهجم رجال الحرس على القاتلين ، ولكن لما رأوا مداهمة الرجال العشرين لهم وهم شاهرون سيوفهم اعتقدوا بوجود تحالف مع السكان وهربوا. فخرج كل الناس ولم يبق في الجامع سوى المتآمرين.
وقد سمع كاتب هذه السطور عليا يقول له من لسانه ذاته ، بأنهما حينما دخلا المسجد لم يكن الأمير قد دخله بعد ، وإلى هذا يرجع السبب في أنهما مكثا في داخله فترة ما في انتظاره ، وأنهما بعد أن فاضت روحه خرجا إلى الساحة العامة وخطبا في الناس واقنعا الجمهور بأنهما قتلا الأمير ، وأن لهما الحق لأنه أراد أن يقتلهما. وهكذا هدأ الناس وارتضوا أن تكون الإمارة في أيدي هذين الرجلين. ولكن لم يظلا طويلا على وفاق ، إذ كان يبيت كل منهما للآخر.
وفي هذه الأثناء حصل أن نصح بعض التجار البرتغاليين ـ وكان عدد هؤلاء كبيرا في آسفي ـ ملك البرتغال بتعبئة أسطول يستطيع ، بدون عناء ، أن يحتل المدينة. ولم يرغب الملك ، مع هذا ، في أن يقدم على هذا المشروع إلا بعد أن أنبأه التجار بأن أهل آسفى أصبحوا منقسمين إلى عدة أحزاب ، وأن التجار تمكّنوا بفضل بعض الهدايا ، أن يقيموا علاقات وثيقة جدا مع زعيم أحد هذه الأحزاب (٢٢٤) وعقدوا معه معاهدة. فأصبح من
__________________
(٢٢٢) إن لقب الملك الذي أعطى لقائد وشيخ آسفي هو أمر مؤكد ، لأن الزعماء الصغار المحليين في ذلك العصر كانوا يتخذون لأنفسهم مختارين لقب سلطان ، والعيد المذكور هو كما يعتقد عيد الأضحى العاشر من ذي الحجة ٩١٢ ه / الجمعة ٢٣ نيسان (ابريل) ١٥٠٧ م.
(٢٢٣) أي يحيى أو تعوفت.
(٢٢٤) أي مع يحيى أو تعفوفت.