وانتظاره. وهذا ما فعله هذا على الساحل الأندلسي. ووصل موسى بعد اربعة اشهر مع جيش كبير. وبعد عبوره بحر غرناطة (١٤٩) ، قاما بتوحيد جيشيهما وتوغلا في الداخل لمجابهة جيش القوط. وتوجه ملك القوط «لذريق» للقائهما. ولسوء حظه انكسر وقضى على جيشه. وتابع القائدان انتصارهما ، وتقدما حتى قشتالة ، واحتلا طليطلة حيث وجدا أموالا طائلة ، وثروات عظيمة ، وبقايا قديسين موضوعة في كنيسة هذه المدينة ، ولا سيما المائدة التي تناول عليها المسيح العشاء الرباني مع الحواريين ، وهي مائدة مكسوة بالذهب ومرصعة بالحجارة الكريمة ، وتقدر قيمتها بنحو نصف مليون دينار (١٥٠). وبعد فتح طليطلة عاد موسى مع قسم من جيشه وحمل معه كل ثروات أسبانيا. وعبر البحر كي يعود إلى القيروان ، ولكنه تلقى في هذه الأثناء رسائل استدعاء من قبل الوليد خليفة دمشق. وسار في طريقه نحو مصر مع كنوزه. وما أن بلغ الاسكندرية حتى أعلمه شقيق خليفة دمشق ، واسمه هشام ، أن الخليفة في النزع الأخير ، ومن الأجدر به ألا يأتي لأنه إذا وقع موت الخليفة ، فإن من المحتمل جدا أن تتعرض هذه الكنوز للنهب. ولكن موسى لم ينصت لذلك وقدم إلى دمشق ، ووجد فعلا ، كما قال هشام ، أن الخليفة في حالة احتضار.
ونودي بأخيه هشام خليفة ، ولكن هذا عزل موسى من قيادة افريقيا وسمي قائدا آخر عليها يدعى يزيد بن المهلب (١٥١) الذي خلفه إبنه وأخوه وحفيده بالتتالي ، وحكموا مدينة القيروان في اثناء المدة التي استمرت فيها أسرة بني أمية في الخلافة (١٥٢).
وبعد أن فقدت أسرة بني أمية سلطتها وانتقلت الخلافة بقوة السيف إلى أسرة بني
__________________
(١٤٩) «أو بحر الزقاق أو مضيق جبل طارق» (المترجم).
(١٥٠) لقد سمى كل المؤلفين الذين جاءوا بعد ابن خرداذبة الذي كتب حوالي العام ٨٤٦ م ، هذه المائدة «مائدة سليمان».
(١٥١) على أثر موت الوليد تولى الخلافة بتاريخ ٢٤ شباط (فبراير) ٧١٥ م أخوه سليمان الذي عين محمد بن يزيد حاكما على افريقيا وأسبانيا ، سنة ٧١٥ م ، وبعد موت سليمان في أيلول (سبتمبر) ٧١٧ م خلفه ابن عمه عمر بن عبد العزيز.
واحل مكان محمد بن يزيد بعد موته ، في ١٠ شباط (فبراير) ٧٢٠ م ، يزيد بن المهلب ، الذي توفي في ٢٤ كانون الثاني (يناير) سنة ٧٢٤ م. وفي هذا الوقت على الضبط أصبح هشام بن عبد الملك وشقيق الوليد خليفة. وبعد تعيين يزيد بن المهلب عهد بحكم افريقيا للمدعو يزيد بن أبي مسلم الذي حكم لفترة قصيرة.
(١٥٢) هذا السرد غير صحيح لأن حكام افريقيا في عصر الأمويين كانوا كما يبدو لا يمتون بعضهم إلى بعض بصلة القربى.