وربما عكس الأمر فأُوِّل كلام من تقدم بإرادتهم من المسمّى خصوص الإِصبع . وهو مع بُعده لا وجه له ، سيّما مع تصريح بعضهم بالاكتفاء بالأقل ، ولا ريب أنه أحوط .
( وقيل : أقلّه ) أي المسح أن يمسح مقدار ( ثلاث أصابع مضمومة ) مطلقاً ، كما عن الشيخ في بعض كتبه (١) ، والسيّد في خلافه (٢) ؛ لظاهر الصحيح : « المرأة تجزيها من مسح الرأس أن تمسح مقدّمه قدر ثلاث أصابع ، ولا تلقي عنها خمارها » (٣) .
وهو ؛ مع قصوره عن المقاومة لما تقدّم ، وإشعاره باختصاصه بالمرأة ، كما يعزى إلى الإِسكافي حيث قال فيها بذلك ولكن في الرجل بالإِصبع الواحدة (٤) ؛ غير صريح الدلالة ، لاحتمال إرادة الإِجزاء من القدر المندوب لا الواجب ، بل ولا يبعد ظهوره بملاحظة ما في خبر آخر : « يجزي من المسح على الرأس موضع ثلاث أصابع ، وكذلك الرِّجل » (٥) فإنّ عدم التفصيل في ذلك بين الرأس والرِّجل ـ مع استحبابه في الرِّجل إجماعاً كما حكي (٦) ـ قرينة ( واضحة ) (٧) على كون الإِجزاء بالنسبة إلى الرأس كذلك .
هذا والمنقول عن أبي حنيفة المصير إلى هذا القول (٨) ، فيتعيّن الحمل
____________________
(١) النهاية : ١٤ .
(٢) كما نقله عنه الشهيد في الذكرى : ٨٦ .
(٣) الكافي ٣ : ٣٠ / ٥ ، التهذيب ١ : ٧٧ / ١٩٥ ، الوسائل ١ : ٤١٦ أبواب الوضوء ب ٢٤ ح ٣ .
(٤) حكاه عنه الشهيد في الذكرى : ٨٦ .
(٥) الكافي ٣ : ٢٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٦٠ / ١٦٧ ، الاستبصار ١ : ٦٠ / ١٧٧ ، الوسائل ١ : ٤١٧ أبواب الوضوء ب ٢٤ ح ٥ .
(٦) قال في مفتاح الكرامة ١ : ٢٥٢ : ولقد تتبّعت جملة من كتب الأصحاب فما وجدت أحداً وافق المصنف ـ أي العلامة ـ على هذا الاستحباب .
(٧) ليست في « ش » .
(٨) نقله عنه في بدائع الصنائع ١ : ٤ ، والمحلى لابن حزم ٢ : ٥٢ .