[الثاني : أن الهمزة كثيرا ما يطرأ عليها التغيير وهي هنا في معرض أن تبدل ياء ساكنة لسكونها بعد كسره فكأنها وليت ياء ساكنة فلذلك كسرت](١).
وقد اعترض أبو شامة على هذين الجوابين بثلاثة أوجه :
الأول : أنّ الهمز حاجز معتدّ به بإجماع في (أَنْبِئْهُمْ) [البقرة : ٣٣] و (وَنَبِّئْهُمْ) [القمر : ٢٨] والحكم واحد في ضمير الجمع والمفرد فيما يرجع إلى الكسر والضمّ.
الثاني : أنّه كان يلزمه صلة الهاء ، إذ هي في حكم كأنها قد وليت الجيم.
الثالث : أنّ الهمز لو قلب ياء لكان الوجه المختار ضمّ الهاء مع صريح الياء نظرا إلى أنّ أصلها همزة ، فما الظنّ بمن يكسر الهاء مع صريح الهمزة. وسيأتي تحقيق ذلك في باب وقف حمزة وهشام ، فضمّ الهاء مع الهمزة هو الوجه.
وقد استضعف أبو البقاء (٢) قراءة ابن كثير وهشام فإنّه قال : «وأرجئه» يقرأ بالهمز وضمّ الهاء من غير إشباع وهو الجيّد ، وبالإشباع وهو ضعيف ؛ لأنّ الهاء خفيّة ، فكأنّ الواو التي بعدها تتلو الهمزة ، وهو قريب من الجمع بين السّاكنين ومن هاهنا ضعف قولهم : «عليهي مال» بالإشباع.
قال شهاب الدّين (٣) : «وهذا التّضعيف ليس بشيء ؛ لأنّها لغة ثابتة عن العرب ، أعني إشباع حركة الهاء بعد ساكن مطلقا ، وقد تقدّم أنّ هذا أصل لابن كثير ليس مختصا بهذه اللّفظة ، بل قاعدته كلّ هاء كناية بعد ساكن أن تشبع حركتها حتى تتولّد منها حرف مدّ نحو : «منهو ، وعنهو ، وأرجئهو» إلّا قبل ساكن فإن المدّ يحذف لالتقاء الساكنين إلّا في موضع واحد رواه عنه البزّيّ وهو (عَنْهُ تَلَهَّى) [عبس : ١٠] بتشديد التّاء ، ولذلك استضعف الزّجّاج (٤) قراءة الأخوين قال بعد ما أنشد قول الشّاعر : [الرجز]
٢٥٣٩ ـ لمّا رأى أن لا دعه ولا شبع |
|
مال إلى أرطاة حقف فالطجع (٥) |
«هذا شعر لا يعرف قائله ولا هو بشيء ، ولو قاله شاعر مذكور لقيل له : أخطأت ؛ لأنّ الشّاعر يجوز أن يخطىء مذهب لا يعرّج عليه».
قال شهاب الدّين (٦) : «وقد تقدّم أنّ تسكين هاء الكناية لغة ثابتة ، وتقدّم شواهدها ، فلا حاجة إلى الإعادة».
قوله : «وأخاه» الأحسن أن يكون نسقا على الهاء في «أرجه» ويضعف نصبه على المعيّة لإمكان النّسق من غير ضعف لفظي ولا معنوي.
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٨١.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٣١٨.
(٤) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٢ / ٤٠٤.
(٥) تقدم.
(٦) ينظر : الدر المصون ٣ / ٣١٩.