حضنه ، وكان أيضا من العرب من لا يرى التّطيّر شيئا نقله القرطبيّ.
وروى عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : «من رجّعته الطّيرة عن حاجته فقد أشرك» (١).
قيل : وما كفارة ذلك يا رسول الله.
قال : «أن يقول أحدكم : اللهمّ لا طير إلّا طيرك ، ولا خير إلّا خيرك ، ولا إله غيرك ، ثمّ يمضي إلى حاجته» (٢).
قوله (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها). لمّا حكى عنهم أوّلا أنّهم بجهلهم أسندوا الحوادث إلى قضاء الله وقدره ، حكى عنهم ثانيا نوعا آخر من الجهل والضّلالة ، وهو أنّهم لم يميّزوا بين المعجزات والسّحر ، وجعلوا آيات موسى مثل انقلاب العصا حيّة.
وقالوا ذلك من باب السّحر فلا يقبل منها شيء.
«مهما» اسم شرط يجزم فعلين ك «إن» هذا قول جمهور النّحاة ، وقد تأتي للاستفهام وهو قليل جدا.
كقوله : [الرجز]
٢٥٥٤ ـ مهما لي اللّيلة مهما ليه؟ |
|
أودى بنعليّ وسرباليه (٣) |
يريد : ما لي اللّيلة ما لي؟ والهاء للسّكت. وزعم بعض النّحاة أنّ الجازمة تأتي ظرف زمان ؛ وأنشد : [الطويل]
٢٥٥٥ ـ وإنّك مهما تعط بطنك سؤله |
|
وفرجك نالا منتهى الذّمّ أجمعا (٤) |
وقول الآخر : [الكامل]
٢٥٥٦ ـ عوّدت قومك أنّ كلّ مبرّز |
|
مهما يعوّد شيمة يتعوّد (٥) |
__________________
(١) أخرجه أحمد (٢ / ٢٢٠) وذكره الهيثمي في المجمع (٥ / ١٠٥) وقال : رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣١).
(٣) البيت لعمرو بن ملقط الطائي ينظر : شرح المفصل لابن يعيش ٧ / ٤٤ ، الهمع ٢ / ٥٨ ، الدرر ٢ / ٧٤ ، المغني ١ / ١٠٨ ، الخزانة ٩ / ١٨ ، الجنى الداني ٦١١ ، ٥١ ، اللسان (مهه) ، التهذيب (مه) النوادر ٦٢ ، الدر المصون ٣ / ٣٢٨.
(٤) البيت لحاتم الطائي ينظر : ديوانه ١٧٤ ، خزانة الأدب ٩ / ٢٧ مغني اللبيب ٣٣١ ، الهمع ٢ / ٥٧ ، الدرر ٥ / ٧١ ، شرح الأشموني ٣ / ٥٨١ ، شرح شواهد المغني ٧٤٤ ، الجنى الداني ٦١٠ ، الحماسة ٤ / ١٧١٣ ، شرح الشافية الكافية ٣ / ١٦٢٧ ، القرطبي ٧ / ١٩٣ ، الدر المصون ٣ / ٣٢٨.
(٥) البيت لزهير بن أبي سلمى ينظر : الديوان ٢٧٧ ، شرح الكافية الشافية ٣ / ١٦٢ ، الرضي في شرح الكافية ٢ / ٢٥٣ ، الدر المصون ٣ / ٣٢٨.