٢٥٦٦ ـ واصل خليلك ما التّواصل ممكن |
|
فلأنت أو هو عن قريب ذاهب (١) |
ولكنّ المراد أنّ الجارّ مقدّر بالفعل ، وحينئذ تؤول إلى جملة فعليّة ، أي : كما استقرّ لهم آلهة.
الثاني : أن تكون «ما» كافّة لكاف التّشبيه عن العمل ، فإنّها حرف جر ، وهذا كما تكفّ ربّ فيليها الجمل الاسميّة ، والفعليّة ، ولكن ليس ذلك على سبيل الوجوب ، بل يجوز في الكاف وفي «ربّ» مع «ما» الزّائدة بعدهما وجهان : العمل والإهمال ، وعلى ذلك قول الشّاعر : [الطويل]
٢٥٦٧ ـ وتنصر مولانا ونعلم أنّه |
|
كما النّاس مجروم عليه وجارم (٢) |
وقول الآخر : [الخفيف]
٢٥٦٨ ـ ربّما الجامل المؤبّل فيهم |
|
وعناجيح بينهنّ المهار (٣) |
وروي برفع «النّاس ، والجامل» وجرّهما ، هذا إذا أمكن الإعمال ، أمّا إذا لم يمكن تعيّن أن تكون كافّة كهذه الآية ، إذا قيل : بأن «ما» زائدة.
الثالث : أن تكون «ما» بمعنى «الذي» ، و «لهم» صلتها ، وفيه حينئذ ضمير مرفوع مستتر ، و «آلهة» بدل من ذلك الضّمير ، والتّقدير : كالذي استقرّ هو لهم آلهة.
وقال أبو البقاء (٤) ـ في هذا الوجه ـ : والعائد محذوف ، و «آلهة» بدل منه ، تقديره : كالّذي هو لهم وتسميته هذا حذفا تسامح ؛ لأنّ ضمائر الرفع إذا كانت فاعلة لا توصف بالحذف ، بل بالاستتار.
قوله إنّ هؤلاء متبّر ما هم فيه. هؤلاء إشارة لمن عكفوا على الأصنام ، ومتبّر فيه وجهان : أحدهما : أن يكون خبرا ل «إنّ» و «ما» موصولة بمعنى «الّذي» وهم فيه جملة اسمية صلة وعائده ، وهذا الموصول مرفوع باسم المفعول فتكون قد أخبرت بمفرد رفعت به سببيّا.
والثاني : أن يكون الموصول مبتدأ ، ومتبّر خبره قدّم عليه ، والجملة خبر ل «إنّ».
قال الزمخشريّ (٥) : وفي إيقاع «هؤلاء» اسما ل «إنّ» ، وتقديم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبرا لها وسم لعبدة الأصنام بأنّهم هم المعرّضون للتّبار ، وأنّه لا يعدوهم
__________________
(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) البيت لأبي دؤاد الإيادي ينظر ديوانه ٣١٦ ، ابن الشجري ٢ / ٢٤٣ ، ابن يعيش ٨ / ٢٩ ، المغني ١ / ١٣٧ ، الهمع ٢ / ٢٦ ، الجنى الداني ٤٤٨ ، ٤٥٥ ، ابن الشجري ٢ / ٢٤٣ ، شرح الرضي ٢ / ٣٣٢ ، الأزهية (٩٤) ، الدرر ٢ / ٢٠ ، الخزانة ٩ / ٥٨٦ ، الدر المصون ٣ / ٣٣٥.
(٤) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٢٨٤.
(٥) ينظر : الكشاف ٢ / ١٥٠.