مذهب البصريين : أنّهما بنيا على الفتح ، لتركيبهما تركيب «خمسة عشر» ، فعلى هذا ليس «ابن» مضافا ل «أمّ» ، بل هو مركّب معها ، فحركتها حركة بناء.
والثاني : مذهب الكوفيّين : وهو أنّ «ابن» مضاف ل «أمّ» و «أمّ» مضافة لياء المتكلّم ، وياء المتكلّم قد قلبت ألفا ، كما تقلّب في المنادى المضاف إلى ياء المتكلم ، نحو : يا غلاما ، ثم حذفت الألف واجتزىء عنها بالفتحة ، كما يجتزأ عن الياء بالكسرة ، فحينئذ حركة «ابن» حركة إعراب ، وهو مضاف ل «أمّ» فهي في محلّ خفض بالإضافة.
وأمّا قراءة الكسر فعلى رأي البصريين هو كسر بناء لأجل ياء المتكلم ، بمعنى : أنّا أضفنا هذا الاسم المركب كلّه لياء المتكلم ، فكسر آخره ، ثم اجتزىء عن الياء بالكسرة ، فهو نظير : يا أحد عشر ، ثم : يا أحد عشر بالحذف ، ولا جائز أن يكونا باقيين على الإضافة إذ لم يجز حذف الياء ؛ لأنّ الاسم ليس منادى ، ولكنه مضاف إليه المنادى ، فلم يجز حذف الياء منه.
وعلى رأي الكوفيين يكون الكسر كسر إعراب ، وحذفت الياء مجتزأ عنها بالكسرة كما اجتزىء عن ألفها بالفتحة ، وهذان الوجهان يجريان في : «ابن أمّ» ، و «ابن عمّ» ، و «ابنة أمّ» ، و «ابنة عمّ».
فصل
فاعلم أنّه يجوز في هذه الأمثلة الأربعة خاصة خمس لغات :
فصحاهنّ : حذف الياء مجتزأ عنها بالكسرة ، ثم قلب الياء ألفا ؛ فيلزم قلب الكسرة فتحة ، ثم حذف الألف مجتزأ عنها بالفتحة ، ثمّ إثبات الياء ساكنة أو مفتوحة ، وأمّا غير هذه الأمثلة الأربعة ممّا أضيف إلى مضاف إلى ياء المتكلّم في النّداء ، فإنّه لا يجوز فيه إلّا ما يجوز في غير باب النّداء ، لأنّه ليس منادى ، نحو : يا غلام أبي ، ويا غلام أمي ، وإنّما جرت هذه الأمثلة خاصّة هذا المجرى ؛ تنزيلا للكلمتين منزلة كلمة واحدة ، ولكثرة الاستعمال.
وقرىء «يا ابن أمّي» بإثبات الياء ساكنة ؛ ومثله قوله : [الخفيف]
٢٥٨١ ـ يا ابن أمّي ويا شقيّق نفسي |
|
أنت خلّيتني لدهر شديد (١) |
وقول الآخر : [الخفيف]
٢٥٨٢ ـ يا ابن أمّي فدتك نفسي ومالي |
|
.......... (٢) |
__________________
(١) البيت لزبير الطائي : ينظر الكتاب ٢ / ٢١٣ ، ابن يعيش ٢ / ١٢ ، الهمع ٢ / ٥٤ ، التصريح ٢ / ١٧٩ ، الأشموني ٣ / ١٥٧ ، الدرر ٥ / ٥٧ ، أوضح المسالك ٤ / ٤٠ ، المقتضب ٤ / ٢٥٠ ، المقاصد النحوية ٤ / ٢٢٢ ، اللسان : شقق الدر المصون ٣ / ٣٤٨.
(٢) ينظر : البحر ٤ / ٣٩٤ ، الدر المصون ٣ / ٣٤٨.