وقال بعضهم : تقدير الكلام : وقطعناهم فرقا اثنتي عشرة ، فلا يحتاج حينئذ إلى غيره.
وقال آخرون : جعل كلّ واحد من الاثنتي عشرة أسباطا ، كما تقول : لزيد دراهم ، ولفلان دراهم : فهذه عشرون دراهم يعني أن المعنى على عشرينات من الدّراهم.
ولو قلت : لفلان ، ولفلان ، ولفلان عشرون درهما بإفراد «درهم» لأدّى إلى اشتراك الكلّ في عشرين واحدة ، والمعنى على خلافه.
وقال جماعة منهم البغويّ : «في الكلام تقديم وتأخير تقديره : وقطعناهم أسباطا أمما اثنتي عشرة».
وقوله : أمما إمّا نعت ل «أسباطا» ، وإمّا بدل منها بعد بدل على قولنا : إنّ «أسباطا» بدل من ذلك التّمييز المقدّر. وجعله الزمخشريّ أنه بدل من «اثنتي عشرة» ؛ قال : بمعنى : «وقطّعناهم أمما» ، لأنّ كل أسباط كانت أمّة عظيمة وجماعة كثيفة العدد ، وكلّ واحدة تؤمّ خلاف ما تؤمّه الأخرى فلا تكاد تأتلف». انتهى.
وقد تقدّم القول في «الأسباط».
وقرأ أبان (١) بن تغلب «وقطعناهم» بتخفيف العين والشّهيرة أحسن ؛ لأنّ المقام للتّكثير ، وهذه تحتمله أيضا.
وقرأ الأعمش (٢) وابن وثّاب ، وطلحة بن سليمان «عشرة» بكسر الشّين ، وقد روي عنهم فتحها أيضا ، ووافقهم على الكسر فقط أبو حيوة ، وطلحة بن مصرف.
وقد تقدّم تحقيق ذلك في البقرة [٦٠] ، وأنّ الكسر لغة تميم والسّكون لغة الحجاز.
قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ). وتقدمت هذه القصّة في البقرة.
«أن اضرب» يجوز في «أن» أن تكون المفسّرة للإيحاء ، وأن تكون المصدرية.
قال الحسن : ما كان إلّا حجرا اعترضه وإلّا عصا أخذها (٣).
وقوله : «فانبجست» كقوله : «فانفجرت» إعرابا وتقديرا ومعنى ، وتقدّم ذلك في البقرة.
وقيل : الانبجاس : العرق.
قال أبو عمرو بن العلاء : «انبجست» : عرقت ، وانفجرت : سالت. ففرّق بينهما بما ذكر.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٦٥ ، والبحر المحيط ٤ / ٤٠٥ ، والدر المصون ٣ / ٣٥٨.
(٢) ينظر : السابق.
(٣) تقدم.