فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : آمن شعره وكفر قلبه (١) وأنزل الله فيه هذه الآية.
وروي عن ابن عباس نزلت في البسوس رجل من بني إسرائيل ، وكان قد أعطي ثلاث دعوات مستجابات ، وكانت له امرأة له منها ولد ، فقالت : اجعل لي منها دعوة واحدة ، فقال لها : لك منها واحدة ، فما تريدين؟ قالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل فدعا لها ؛ فجعلت أجمل امرأة في بني إسرائيل ؛ فلمّا علمت أنه ليس فيهم مثلها رغبت عنه فغضب الزّوج فدعا عليها فصارت كلبة نباحة [فذهبت فيها دعوتان ، فجاء بنوها وقالوا : ليس لنا على هذا إقرار قد صارت أمنا كلبة نباحة] ، فصار النّاس يعيروننا بها ، فادع الله أن يردّها إلى حالها الأول ، فدعا الله فعادت كما كانت فذهبت فيها الدّعوات كلها (٢).
وقيل : نزلت في أبي عامر الرّاهب الذي سمّاه النبيّ صلىاللهعليهوسلم بالفاسق كان يتزهد في الجاهليّة فلما جاء الإسلام خرج إلى الشام ، وأمر المنافقين باتّخاذهم مسجد الضّرار وأتى قيصر واستنجده على النبي صلىاللهعليهوسلم فمات هناك طريدا وحيدا (٣).
وقال الحسن ، وابن كيسان ، والأصم نزلت في منافقي أهل الكتاب ، كانوا يعرفون النبي صلىاللهعليهوسلم كما يعرفون أبناءهم (٤).
وقال عكرمة ، وقتادة ، وأبو مسلم : هذا عام فيمن عرض عليه الحق فأعرض عنه.
وقوله : (فَانْسَلَخَ مِنْها).
قال ابن عباس : (آتَيْناهُ آياتِنا) أوتي كتابا من كتب الله (فَانْسَلَخَ مِنْها) أي : خرج منها كما تنسلخ الحية من جلدها.
قوله : (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) الجمهور على أتبعه رباعيا ، وفيه وجهان ، أحدهما : أنه متعدّ لواحد بمعنى أدركه ولحقه ، وهو مبالغة في حقه حيث جعل إماما للشيطان.
ويحتمل أن يكون متعدّيا لاثنين ؛ لأنّه منقول بالهمزة من «تبع» ، والمفعول الثّاني محذوف تقديره : أتبعه الشيطان خطواته ، أي : جعله تابعا لها ، ومن تعدّيه لاثنين قوله تعالى : (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ) [الطور : ٢١].
وقرأ الحسن (٥) وطلحة بخلاف عنه : فاتّبعه بتشديد التاء ، فهل «تبعه» واتبعه بمعنى أو بينهما فرق؟
__________________
(١) أخرجه ابن عساكر (٣ / ١٢٤ ـ تهذيب) وابن عبد البر في التمهيد (٤ / ٧ ـ ٨) من حديث ابن عباس.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٢٦٦) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عباس.
(٣) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٥ / ٤٥).
(٤) انظر : المصدر السابق.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٧ ، ٤ ، والبحر المحيط ٤ / ٤٢٢ ، والدر المصون ٣ / ٤٧٢.