قيل بكل منهما ، وأبدى بعضهم الفرق بأن «تبعه» مشى في أثره ، و «اتّبعه» إذا وازاه في المشي.
وقيل : «اتّبعه» بمعنى : استتبعه.
ومعنى الآية : أتبعه الشيطان كفار الإنس وغواتهم أي الشيطان جعل كفار الإنس أتباعا له.
وقال عبد الله بن مسلم : (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ). أي : أدركه.
ويقال : أتبعت القوم ، إذا لحقتهم.
قال أبو عبيد : يقال : أتبعت القوم مثل : أفعلت إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم وقوله (فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) أي : أطاع الشيطان فكان من الضالين.
قوله : (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها) الضمير في : رفعناه الظّاهر عوده على الذي أوتي الآيات ، والمجرور عائد على الآيات والتقدير : ولو شئنا رفعناه للعمل بها ، أي : رفعناه درجة بتلك الآيات.
قال ابن عباس : لرفعناه بعمله (١).
وقيل : المنصوب يعود على الكفر المفهوم ممّا سبق ، والمجرور على الآيات ، أي : لرفعنا الكفر بما ترى من الآيات.
قاله مجاهد وعطاء.
وقيل : الضمير المجرور يعود على المعصية والمنصوب على «الذي» والمراد بالرفع : الأخذ ، كما تقول : رفع الظّالم ، أي قلع وأهلك أي : لأهلكناه بسبب المعصية.
وهذه أقوال بعيدة ، ولا يظهر الاستدراك إلّا على الوجه الأوّل.
قوله (وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) «أخلد» أي : ترامى بنفسه. أي : ركن إلى الدنيا ومال إليها.
قال أهل العربيّة : أصله من الإخلاد ، وهو الدوام واللّزوم ، فالمعنى : لزم الميل إلى الأرض قال مالك بن نويرة : [الطويل]
٢٦٢٢ ـ بأبناء حيّ من قبائل مالك |
|
وعمرو بن يربوع أقاموا فأخلدوا (٢) |
ومنه يقال : أخلد فلان بالمكان ، إذا لزم الإقامة به.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ١٢٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٢٦٧) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عباس.
(٢) ينظر الطبري ١٣ / ٢٧٠ ، جامع البيان ١٢ / ٢٧٠ ، التفسير الكبير ١٥ / ٥٦ ، حاشية الشهاب ٤ / ٢٣٦ ، الأصمعيات (١٩٣) الدر المصون ٣ / ٣٧٢.