الحادي عشر : أنّ الكاف بمعنى «على» ، و «ما» بمعنى : الذي ، والتقدير : امض على الذي أخرجك ، وهو ضعيف ؛ لأنه لم يثبت كون الكاف بمعنى «على» ألبتة إلّا في موضع يحتمل النزاع كقوله (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) [البقرة : ١٩٨].
الثاني عشر : أنّ الكاف في محل رفع ، والتقدير : كما أخرجك ربك فاتّقوا الله ، كأنّه ابتداء وخبر.
قال ابن عطيّة : «وهذا المعنى وضعه هذا المفسّر وليس من ألفاظ الآية في ورد ولا صدر».
الثالث عشر : أنّها في موضع رفع أيضا والتقدير : لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم هذا وعد حقّ كما أخرجك ، وهذا فيه حذف مبتدأ وخبر ، ولو صرّح بذلك لم يلتئم التشبيه ولم يحسن.
الرابع عشر : أنّها في موضع رفع أيضا والتقدير : وأصلحوا ذات بينكم ، ذلكم خير لكم ، كما أخرجك ، فالكاف في الحقيقة نعت لخبر مبتدأ محذوف ، وهو ضعيف لطول الفصل بين قوله : «وأصلحوا» ، وبين قوله : «كما أخرجك».
الخامس عشر : أنّها في محل رفع أيضا عى خبر ابتداء مضمر ، والمعنى : أنّه شبّه كراهية أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لخروجه من المدينة ، حين تحققوا خروج قريش للدفع عن أبي سفيان وحفظ غيره بكراهيتهم لنزع الغنائم من أيديهم ، وجعلها لله ورسوله ، يحكم فيها ما يشاء. واختار الزمخشري هذا الوجه وحسّنه.
فقال : «يرتفع محلّ الكاف على أنه خبر ابتداء محذوف تقديره : هذه الحال كحال إخراجك ، يعني أنّ حالهم في كراهة ما رأيت من تنفيل الغزاة مثل حالهم في كراهة خروجهم للحرب». وهذا الذي حسّنه الزمخشريّ هو قول الفرّاء ـ وقد شرحه ابن عطيّة بنحو ما تقدّم من الألفاظ ـ فإنّ الفرّاء (١) قال : «هذه الكاف شبّهت هذه القصة التي هي إخراجه من بيته بالقصّة المتقدمة التي هي سؤالهم عن الأنفال».
السادس عشر : أنّها صفة لخبر مبتدأ أيضا ، وقد حذف المبتدأ وخبره ، والتقدير : قسمتك الغنائم حق كما كان إخراجك حقا.
السابع عشر : أنّ التّشبيه وقع بين إخراجين ، أي : إخراج ربك إيّاك من بيتك ، وهو مكّة وأنت كاره لخروجك ، وكان عاقبة ذلك الإخراج النّصر والظفر كإخراجه إيّاك من المدينة وبعض المؤمنين كاره ، يكون عقيب ذلك الخروج الظفر والنصر والخير ، كما كان عقيب ذلك الخروج الأول.
الثامن عشر : أن تتعلّق الكاف بقوله : «فاضربوا» ، وبسط هذا على ما قاله صاحب
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٤٠٣.