واختلف العلماء في سهم ذوي القربى ، هل هو ثابت اليوم؟ فذهب أكثرهم إلى أنّه ثابت وهو قول مالك والشافعي ، وذهب أصحاب الرّأي إلى أنّه غير ثابت ، وقالوا سهم رسول الله وسهم ذوي القربى مردودان في الخمس ، فيقسم خمس الغنيمة لثلاثة أصناف اليتامى والمساكين وابن السبيل.
وقال بعضهم : يعطى للفقراء منهم دون الأغنياء ، أي : يعطى لفقره لا لقرابته ، والكتاب والسنة يدلّان على ثبوته وكذا الخلفاء بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانوا يعطونه ، ولا يفضل فقير على غني ؛ لأنّ النبي صلىاللهعليهوسلم والخلفاء بعده كانوا يعطون العباس بن عبد المطلب مع كثرة ماله ، وألحقه الشافعي بالميراث الذي يستحق باسم القرابة ، غير أنه يعطى القريب والبعيد.
وقال : يفضل الذكر على الأنثى فيعطى الرجل سهمين ، والأنثى سهما.
قال القرطبي (١) : «ليست اللّام في «لذي القربى» لبيان الاستحقاق والملك ، وإنّما هي للمصرف والمحل».
قوله : (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) اليتامى : جمع «يتيم» وهو الصغير المسلم الذي لا أب له إذا كان فقيرا ، و «المساكين» هم أهل الفاقة والحاجة من المسلمين ، و (ابْنِ السَّبِيلِ) هو المسافر البعيد عن ماله ، فهذا مصرف خمس الغنيمة ويقسم أربعة أخماس الغنيمة بين الغانمين الذين شهدوا الوقعة ، للفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه ، وللرّاجل سهم ؛ لما روى ابن عمر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم سهما له وسهمين لفرسه» (٢).
وهذا قول أكثر أهل العلم ، وإليه ذهب الثوريّ ، والأوزاعيّ وابن المبارك والشافعيّ وأحمد وإسحاق.
وقال أبو حنيفة : للفارس سهمان وللرّاجل سهم ، ويرضخ للعبيد ، والنسوان ، والصبيان إذا حضروا القتال.
قال القرطبيّ : «إذا خرج العبد ، وأهل الذّمة وأخذوا مال أهل الحرب فهو لهم ولا يخمس» لأنه لم يوجب عليهم خيل ولا ركاب.
ويقسم العقار الذي استولى عليه المسلمون كالمنقول ، وعند أبي حنيفة يتخيّر الإمام
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٨ / ٩.
(٢) أخرجه أحمد (٢ / ٢ ، ٤١) وأبو داود (٢٧٣٣) والدارمي (٢ / ٢٢٥) وابن ماجه (٢٨٥٤) وابن الجارود (١٠٨٤) والبيهقي (٦ / ٣٢٥) من حديث ابن عمر.
وأخرجه البخاري أيضا عن ابن عمر (٢ / ٢١٦) بلفظ : أسهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم للفرس سهمين ولصاحبه سهما.