يقال : ربع الجيش يربعه : إذا أخذ ربع الغنيمة. قال الأصمعي : ربع في الجاهلية وخمّس في الإسلام ، فكان يأخذ منها ثم يتحكم بعد الصّفيّ في أي شيء أراد ، وكان ما فضل منها من خرثيّ ومتاع له ، فأحكم الله تعالى الدين بقوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) فأبقى سهم الصّفيّ لنبيّه وأسقط حكم الجاهلية.
قوله : «إن كنتم» شرط ، جوابه مقدر عند الجمهور ، لا متقدم ، أي : إن كنتم آمنتم فاعلموا أنّ حكم الخمس ما تقدّم ، أو : فاقبلوا ما أمرتم به.
والمعنى : واعلموا أنّما غنمتم من شيء فأنّ لله خمسه وللرّسول يأمر فيه ما يريد ، فاقبلوه إن كنتم آمنتم بالله ، وبالمنزل على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ، وهو قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) [الأنفال : ١] لمّا نزلت في يوم بدر ، وهو يوم الفرقان فرق الله فيه بين الحقّ والباطل ، وهو يوم التقى الجمعان ، حزب الله وحزب الشيطان ، وكان يوم الجمعة سبع عشرة مضت من رمضان.
وقوله (وَما أَنْزَلْنا) عطف على الجلالة ، فهي مجرورة المحلّ ، وعائدها محذوف ، وزعم بعضهم أنّ جواب الشّرط متقدم عليه ، وهو قوله ف (نِعْمَ الْمَوْلى) [الأنفال : ٤٠].
وهذا لا يجوز على قواعد البصريين.
قوله : (يَوْمَ الْفُرْقانِ) يجوز فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون منصوبا ب «أنزلنا» أي : أنزلناه في يوم بدر ، الذي فرق فيه بين الحق والباطل.
الثاني : أن ينتصب بقوله «آمنتم» أي : إن كنتم آمنتم في يوم الفرقان ، ذكره أبو البقاء.
الثالث : يجوز أن يكون منصوبا ب «غنمتم».
قال الزّجّاج : أي : ما غنمتم في يوم الفرقان فحكمه كذا وكذا.
قال ابن عطيّة (١) : «وهذا تأويل حسن في المعنى ، ويعترضه أنّ فيه الفصل بين الظرف وما يعمل فيه بهذه الجملة الكثيرة الألفاظ» ، وهو ممنوع أيضا من جهة أخرى أخصّ من هذه. وذلك أنّ «ما» إمّا شرطية ، كما هو رأي الفرّاء ، وإمّا موصولة ، فعلى الأوّل يؤدّي إلى الفصل بين فعل الشّرط ، ومعموله بجملة الجزاء ، ومتعلّقاتها ، وعلى الثّاني يؤدّي إلى الفصل بين فعل الصلة ومعموله بخبر «أنّ».
قوله (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنّه بدل من الظرف قبله.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٥٣١ ـ ٥٣٢.